بعد
غياب لفترة للبحث في المواضيع التي يمكن
الكتابة عنها في هذه المدونة، قررت الآن
أن أعود مع مقالة بسيطة لشرح نوع من أنواع
الإضاءة، والذي كنت قد قرأت عنه منذ سنوات
ولكن لم أطبقه كثيرا في عملي مع الكاميرا.
ولأنّي
لا أعلم مسمىً واضحا (ولا
أذكر إذا كان هناك اسما محددا)
فقد
قررت تسميتها ببساطة «إضاءة
النقوش»،
والسبب في هذا بسيط:
يمكن
استخدام هذه التقنية لإضاءة المواد
المنقوشة بحزمة ضوئية نحيفة تنعكس على
الأجزاء البارزة من النقش، مما يصنع شكلا
شبيها بالنقش الضوئي.
أدوات
وتجهيزات
سوف
نحتاج في هذا النوع من التصوير بعض الأدوات
والتي تكون متوفرة عادة في أرجاء المنزل.
سأسرد
بعضا منها ولكن هذه القائمة لن تكون
المنتهى في هذا الأمر؛ ولكنها بعض مما
جربت العمل به بنفسي.
لذا،
أشجع عزيزي القارئ على احتواء الفكرة
العامة والعمل بها بما تيسر له من أدوات.
سوف
يتطلب العمل هنا:
بالإضافة
إلى هذه الأدوات قد يحتاج عزيزي القارئ
إلى الأشرطة اللاصقة عند الحاجة، وكذلك
إلى مصباح يدوي إن دعت الحاجة إلى ذلك.
هذا
فيما يخص الأدوات، أما فيما يتعلق بالكاميرا
وتجهيزاتها فإن الأسلوب الغالب على العمل
هنا هو التصوير المجهري (Macro)،
وشرح تقنيات هذا النوع من التصوير خارج
نطاق هذه المقالة ولكن كنا قد ناقشناها
مع بعض الإسهاب في مقالات سابقة.
ويفضل
في هذا المقام أن تكون الكاميرا مزودة
بنظام اللاسلكي للتحكم بالوماضات دون
اللجوء إلى ربطها بالكاميرا بالموصلات
أو الأسلاك، وهذا موضوع قد يكون عميقا
بعض الشيء ولكنّي أعول هنا على القارئ
العزيز ومدى قراءته لكتيبات التعليمات
الخاصة بكاميرته والوماضات محل العمل (تمتلك كاميرا كانون إيوس 7د نظاما لاسلكيا ذاتيا).
في
هذا المقام، لا أنصح باستخدام تقنيات
التكبير الشديد (الذي
يتعدى مداه نسبة 1:1
أو
1×)
ولكن
هذا الأمر محط اختيار شخصي محض.
ونأتي
على ذكر الوماضات وطريقة عملها هنا،
فالأفضل في هذا المقام أن تكون الوماضات
عاملة بالنظام اليدوي (Manual)
والذي
يتيح تغيير شدة الوماضات بالاختيار، بدلا
من تغييرها بشكل آلي وعن طريق قياس الضوء
(أي
نظام ETLL)
حيث
أن قياس الضوء في هذه الحالة غير مفيد وقد
يغير من شدة الوميض بين لقطة وأخرى بسبب
تحرك الكاميرا أو الوماض وما شابه ذلك.
عند
التحكم يدويا في قدرة الوماض وشدة وميضه،
سيكون تغيير الشدة أيسر نسبيا عن طريق
تغيير النسبة (والتي
يُعبر عنها بالكسور عادة من 1/1
لأشدها
حتى 1/128
لأضعفها
وقد يتغير هذا المدى بتغير نوع الوماض).
في
هذا المقام، لن نحتاج إلى قوة كبيرة
للوماض، وغالبا ما أبتدئ في التجربة عند
شدة 1/8،
وغالبا ما أحول عنها إلى ما هو دونها حتى
شدة 1/128
(فالأمر
يتعلق بنوع النقش وبروزه)،
ويمكن كذلك تغيير شدة الوميض دون اللجوء
إلى تغيير الإعدادات في الوماض عن طريق
تحريكه فقط وإبعاده قليلا عن الأسطوانة.
كان
هذا المختصر فيما يتعلق بعمل الوماضات
ههنا ويبقى التعرف على كيفية إعمال هذه
الوظائف في الوماضات على عاتق عزيزي
القارئ وقراءته لكتيب التعليمات كما يجب.
العمل
أولا،
نقوم بتجهيز العلبة الأسطوانية عن طريق
إزالة الجزء السفلي منها وبهذا تكون
مفتوحة من الجانبين، ويجب التأكد طبعا
من أن قطر الفوهة كافية لمرور العدسة بعض
الشيء.
ثم
نقوم بعد ذلك بوضع ورقة سوداء ذات حجم
مناسب في داخل هذه الأسطوانة.
ستقوم
هذه الورقة السوداء على امتصاص الوميض
المنتشر في داخل الأسطوانة وتقليل التوهج.
يمكن
كذلك استخدام الطلاء الأسود إذا كان هذا
مرغوبا به؛ ولم استخدمه هنا لصعوبة العمل
عندي فقررت استخدام الورق الأسود بدلا
من ذلك.
الورقة السوداء في داخل الأسطوانة مع مشابك الورق للمساعدة على تثبيتها أكثر. |
يمكن
تثبيت الورقة في داخل الأسطوانة باستخدام
مشابك الورق، والتي هي بدورها ستقوم برفع
الأسطوانة لمسافة ضئيلة عن السطح لإمرار
الضوء وقت التصوير (ويمكن
استخدام العملات المعدنية لهذا الغرض
كذلك).
أرى
أنه يكفي أن يكون هناك ثلاث أو أربع نقاط
ارتكازية للأسطوانة، سواء كان ذلك بمشابك
الورق أو بالعملات المعدنية.
كما
يفضل أن يكون السطح (سطح
العمل)
باللون
الأسود (بتغطيته
بالورق أو بغيره)،
على أن هذا لن يغني عن العمل في برامج
التحرير لاحقا لتنظيف وتحسين الصورة بشكل
عام.
لذلك،
يجب الحرص على التصوير بصيغة السالب
الرقمي (RAW)
للحصول
على أكبر قدر ممكن من المرونة عند التعديل
والتحسين في الصورة.
وضعية الوماضات مع الأسطوانة وقت العمل، والكل موضوع على سطح أسود لتقليل الانعكاسات الضوئية من سطح العمل ذاته. |
نضع
الآن الموضوع المراد تصويره ووضع الأسطوانة
عليه حتى تحيطه.
مع
التجربة، تكشّف لي بأن الارتفاع كان قليلا
جدا ولذلك لجأت إلى فرد أذرع المشابك حتى
تكون بمقام الأرجل للعلبة الأسطوانية
وبذلك يدخل الضوء بيسر أكبر نسبيا، وهذه
أمور تجري مجرى التجربة والخطأ والذوق
كذلك (قد
يرى المصور إدخال كمية أكبر من الضوء
مناسب أكثر).
هذا
بالإضافة إلى ضبط قوة الوماض المطلوبة.
بعد
إعداد العدة ورفع الأسطوانة بالقدر
المطلوب، يأتي الآن الدور للتصوير، وكما
ذكرنا آنفا، فإن الغالب على هذا العمل هو
التصوير المجهري ولا أستطيع مناقشة هذا
العمل في هذا المقام.
ولكن
قد تبقى مشكلة واحدة، وهي ضبط التركيز
عند التصوير في بيئة مظلمة داخل الأسطوانة.
والحقيقة
هي أن هذا الأمر قد لا يحدث (يعتمد
على قطر الفوهة والإضاءة التي من الممكن
أن تدخل من هذه الفوهة مع وجود الكاميرا)،
ولكن في حال تعذر مرور بعض الضوء لمساعدة
ضابط التركيز الآلي للعدسة (AF)
فيمكن
إنارة الأسطوانة بمصباح يدوي من الأسفل
بجانب الوماضات، وهكذا يدخل الضوء لمساعدة
الضابط على ضبط التركيز.
وتنفع
هذه الطريقة كذلك إذا فضّل المصور استعمال
النظام اليدوي للتركيز بدلا من الآلي.
ولا
ضير من ترك المصباح اليدوي مُنارا حيث أن
سرعة الغالق القصوى مع الوماضات (سرعة
المواءمة Sync
Speed) ستكون
ما بين 1/200
و
1/250
جزء
من الثانية، وهذه السرعة للغالق كفيلة
بإمرار ضوء الوماض وإزالة الإضاءات الأخرى
في المكان، وكذلك تقضي على الاهتزاز إذا
ما كان المصور لا يستخدم أدوات مساعدة
كحامل أو ما شابه (وهذه
هي الحالة الغالبة في هذا العمل).
لقد
تم جل هذا العمل باستخدام نظام المشاهدة
الآنية (LiveView)،
ولا أرى العمل متيسرا بالعينية كما هي
الطريقة الاعتيادية، حيث أن نظام المشاهدة
الآنية يحمل معه نظام المحاكاة والذي
يقوم بزيادة الإنارة على الشاشة لتسهيل
الرؤية ولضبط التركيز.
جدير
بالذكر، إن العمل هنا يتطلب عددا بؤريا
كبيرا وكنت قد فضلت العمل ما بين ب/16
وب/20.
عند
التأكد من كل هذه الأمور يكون قد قضي الأمر
وكل ما على المصور هو كبس زر الغالق لالتقاط
الصورة!
ولمجرد
التلخيص فإني أدرج الإعدادات هنا بقائمة:
-
نظام الكاميرا: يدوي تماما (M).
-
المستوى الأبيض (WB): لا يهم، حسب ذوق المصور.
-
سرعة الغالق: سرعة المواءمة (1/250 من الثانية في كاميرات كانون إيوس 7د).
-
الوماض: نظام يدوي مع تغيير القدرة بالشكل المطلوب.
-
العدسة: نظام آلي أو يدوي بما يراه المصور مناسبا.
-
البؤرة (فتحة العدسة): ما بين ب/11 إلى ب/20.
-
يفضل استخدام نظام المشاهدة الآنية بدلا من العينية.
ملاحظات
هنالك
بعض الأمور التي كنت قد لاحظتها أثناء
بعض عملي بهذه الطريقة وإني أضعها هنا
لتوخي الحيطة من بعضها، لا سيما عند تصوير
النقوش على أسطح مصقولة.
تعمل
هذه الأسطح المصقولة عمل المرآة فتقوم
بعكس ما أمامها، ولهذا فقد واجهت أنا نفسي
بعض الصعوبات في تصوير أحد الأسطح المصقولة
هذه، حيث كانت تعكس جزءا من الكاميرا أو
من حزام الكاميرا أو حتى يدي.
ولو
كان بإمكاني إزالة حزام الكاميرا لفعلت
(تستغرق
عملية إزالته ووضعه مرة أخرى لاحقا وقتا
ولهذا فلا أنظر في هذا الأمر وإنما أتعامل
معه تباعا).
إذا
كان حزام الكاميرا يسير الإزالة فإنّي
أنصح بإزالته، فهذا سيسهل بعض الأمور،
ولكن لا يزال هناك أمور أخرى قد تنعكس على
السطح المصقول كاليد الحاملة للكاميرا.
في
كل الأحوال قد نُضطر إلى محاولة تعتيم
الأسطوانة من الداخل (بعد
ضبط التركيز)
بشكل
أو بآخر وهذا عن طريق وضع اليد أو جسم معتم
على الفوهة بجانب الكاميرا (إذا
كانت الفوهة واسعة طبعا وأشك أن هذه
المشكلة ستحدث لأسطوانة ذات فوهة ضيقة
نسبيا).
وإذا
لم ينفع هذا كذلك، فآخر الدواء الكي:
يجب
قطع الصورة النهائية عند تحريرها والعمل
بها لاحقا؛ وجدير بالذكر أن غالبا ما سيحتاج المصور إلى العمل على تحسين الصورة وتنظيفها من الخدوش وبعض الأمور الأخرى وهذا أمر طبيعي جدا. وللتقليل
من نسبة القطع قدر المستطاع، تجب المحاولة
في جعل هذا الانعكاس يظهر في أطراف الصورة
لا قريبا من منتصفها.
لهذا،
كنت أحيانا أجانب بالعدسة حواف الفوهة
وأضع يدي الأخرى بجانبها للتعتيم ولتجنيب
الانعكاس حتى حواف الصورة (وهذا
بالطبع يتطلب أن يكون الموضوع قيد التصوير
على جنب كذلك ليكون أمام العدسة.
وضع اليد بجانب العدسة (ومسك العدسة أيضا لزيادة الثبات) لتغطية فوهة الأسطوانة مع ركن العدسة إلى الحافة. |
الخاتمة
كان
هذا شرحا سريعا (تقريبا)
لأحد
أساليب التصوير التي لا أزال أعمل على
اختبارها، وبسبب ضيق الوقت لم أكن لأستطيع
سرد بعض التجارب التي قمت وأقوم بها بهذه
الطريقة في التصوير لا سيما للأجسام غير
المسطحة والسميكة نوعا ما.
قد
أقوم بكتابة مقالة أخرى مكملة لهذا الموضوع
في المرة القادمة!
ولهذا
فإنني أشجع عزيزي القارئ على العمل
والابتكار بنفسه هنا فيما يلائمه.
هذا،
وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء
الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق