رمضان
مبارك.
مر
وقت دون الالتفات جديا إلى التصوير
وكاميرتي، والأمر يصبح أصعب كذلك مع دخول
الشهر الفضيل وأوقات العمل والمسؤوليات
الأخرى.
بالرغم
من ذلك كله، فلقد تمكنت من العمل قليلا
على تصوير بعض الأفكار التي راودتني مؤخرا
(وهي
لم تنته بعد).
وكما
هو الحال في المقالة السابقة التي تحدثت
عنها عن كيفية تصوير صورة «المحارب»
فقد
قررت هنا التحدث عن صورتين كنت قد التقطتهما
مؤخرا متحدثا عن انطباعي عن اضطراب ثنائية
القطب (Bipolar
Disorder) – وهو
اضطراب عقلي-نفسي
يُؤرجح النفس ما بين الاكتئاب والابتهاج
غير الطبيعي.
كنت
آمل في الحقيقة أن تكون هذه المقالة عن
بعض تجاربي في التصوير الفلكي، ولكن للأسف
لم أوفق حتى الآن لإتقان بعض هذا الفن
(وهو
ممكن في المدينة وإن كانت الأماكن البعيدة
عن المدينة مفضلة أكثر).
الفكرة
تقوم
الفكرة على إظهار تناقض الشخصية ما بين
حزن وغضب من جهة، وبهجة وسعادة من جهة
أخرى.
كنت
قد التقطت صورة في وقت سابق وقبل دخول شهر
رمضان، حاولت فيها التعبير عن عدم الاستقرار
الذهني الكائن في عقول البعض وكانت هذه
الفكرة تتطلب دمج صورتين مع التصوير أمام
المرآة.
تطلبت
تلك الفكرة صورتين، أحدهما بتصوير طبيعي
والأخرى باستخدام مرشح محايد لاستطالة
التعريض لبضع ثوان قمت خلالها بتحريك
رأسي قليلا في جميع الاتجاهات حتى يكون
علامة على التشوش الذهني.
أما
الباقي فهو قصة مطولة من العمل في برنامج
الفوتوشوب.
فكرة
الصورتين الجديدتين هي على هذا المثل،
ولكنها ستكون باستخدام الماء كمادة عاكسة
بدلا من المرآة.
والسبب
في هذا الاختيار في المقام الأول كان
لتكوين صورة منعكسة مشوهة على سطح الماء
(ولكن
الأمر لم يتم كما خططت له كما سنرى).
العمل
في
البداية، لم أكن لأتخيل أن يكون العمل مع
انعكاسات الماء بهذه الصعوبة!
ولقد
كانت أولى المشاكل هي العثور على الوعاء
المناسب للماء للمساعدة على الانعكاس،
وقد ظننت خطأً أن الوعاء يجب أن يكون فاتح
اللون (كما
هو الحال مع المرآة)،
ولكن بعد البحث وجدت بأن السطح الأسود هو
الأفضل لهذا العمل.
والغريب
هنا هو أني كنت دائما استخدم سطحا شفافا
على قطعة من القماش الأسود لزيادة الانعكاس
ولكن لم يتبادر إلى ذهني حتى تلك اللحظة
بأن أعمل بمثل هذا المنطق مع الماء!
عدسة ڤويغتلاندر |
الناشر القبوي (البيضاوي) المفقود! |
المجمّل المصغر (كما هو على رأس الوماض) |
من الأشياء التي ضايقتني حيال هذه الصورة كذلك هو لمعان طرف الصينية والذي حاولت عبثا إخفاءه أثناء التقاط الصورة ولكن دون جدوى. ومما زاد من صعوبة التحكم بضوء الومّاض هنا هو عدم استخدام الناشر القبوي (فقدته بلا أثر!)، بل استخدمت «المُجمّل» بدلا عنه، وهو معدّل للضوء لا يتناسب مع هذا العمل بل مع تصوير الوجوه مباشرة أكثر. هذا، وقد حاولت آنفا ارتجال بديل عن الناشر القبوي على رأس الومّاض ولكن دون جدوى، حيث أن كفاءة الضوء الخارج من الومّاض لم تكن لتفي بالغرض، فآثرت إتمام العمل بالمجمّل. لقد كان بالإمكان حذف هذا الوميض الأبيض عند العمل على دمج الصور في برنامج الفوتوشوب ولكن بعد التفكير مجددا بالأمر قررت تركه حتى يتبين الحد الفاصل بين الانعكاس والأصل، ولكني حاولت التخفيف من حدته، الأمر الذي لم أنجح به تماما.
عدسة كانون 50مم ب/1,4 |
عند
العمل في برنامج الفوتوشوب، وكما كانت
الحالة في الصورة الأولى، فقد تبين لي
بأن نسخة الأبيض والأسود أفضل في التعبير
وأشد منه في حالة الصورة الملونة.
ولكن
بعد دمج الصورتين، وأثناء محاولة معاينة
الصورة من زوايا مختلفة، تبين لي بأن إدارة
الصورة النهائية 180
درجة
أفضل من وضع الصورة الأصلي، وذلك لأن ما
يقارب ثلثي الصورة
يتواجد في الانعكاس وملامح الانعكاس قد
تبدو مبهمة بعض الشيء (بسبب
التموجات الخفيفة)
حين
تكون مقلوبة للناظر.
وعليه،
قد لا تكون ملامح الغضب والعبوس واضحة،
بينما من ناحية أخرى، البسمة واضحة جلية
سواء كانت في وضع قائم أو وضع مقلوب.
ولعل
من أبرز المشاكل مع هذه الصورة هو الحد
الفاصل ما بين الأصل
والانعكاس، والذي يضم حافة الآنية أو
الصينية وكذلك سطح المنضدة
المغطى بالقماش الأسود.
لحل
هذه المشكلة قمت بزيادة التباين وكذلك
بزيادة السواد في هذه المنطقة دون طمسها
تماما حتى تكون في المقام المقبول نظريا.
لاحظت
أن هذه المنطقة قد تكون جلية وباهتة عند
النظر إليها على بعض الأجهزة وهذا بسبب
عدم معايرة الألوان في هذه الأجهزة وزيادة
السطوع فيها.
للمقارنة: (يمين) الصورة المقلوبة، (يسار) الصورة الأصلية كما هي. |
الخاتمة
بشكل
عام يمكنني القول بأنني كنت أتمنى أن يكون
مستوى هاتين الصورتين أفضل من هذا ولكن
العمل كان بما توفر وبالوقت المسموح
(بجانب
المسؤوليات الأخرى!).
ولكن
هذا كله أفضل من الجلوس دون العمل مع
الكاميرا.
والحقيقة
أني مشغول من جانب آخر في العمل على التصوير
الفلكي وتجربة بعض الأمور الجديدة والتي
إن حالفني الحظ قد أكتب عنها في هذه المدونة
يوما ما (بالرغم
من تعقيداتها).
ولكن
أرجو أن تكون هذه المقالة مفيدة
لعزيزي القارئ، سواء بالأخطاء التي شابت
العمل أو بالأفكار
ضمن العمل؛ ففي التصوير وغيره من الفنون،
يكون الإطلاع على أخطاء الآخرين ومناقشة
الأخطاء الشخصية هما من الأدوات الأساسية
لتطوير الذات وتطوير أساليب العمل
والأفكار.
لذا،
أتمنى أن أكون قد ساهمت ولو بالقليل في
هذا المنحى.
هذا،
وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء
الله…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق