في
هذه المقالة سنتحدث مع بعض الإسهاب فيما
يتعلق بالضوء والإضاءة وعلاقة الكل
بالتصوير والصورة.
كما
يعلم الجميع، إن التصوير هو فن قائم بحد
ذاته على الإضاءة بشكل عام، واختلاف
الإضاءة هو ما يحدد بالقدر الأكبر من شكل
الصورة، قد يليه بعد ذلك عمق الميدان أو
زاوية الرؤية والاتجاه؛ ولكن من دون ضوء،
لا صورة.
سنتعرف
هنا على بعض عوامل تشكيل الإضاءة علاوة
على طرق قياس الإضاءة وبعض الموضوعات
المتعلقة بذلك ولو بشكل ميسر إذا أمكن.
لذا،
سيكون المقال مطولا بعض الشيء.
الثالوث
الضوئي
نقصد
هنا ثلاثة اعتبارات تعتمد الإضاءة في
الصورة عليها بشكل قطعي، وهي:
الفتحة،
الغالق، الحساسية.
هذه
العوامل الثلاثة تختلف في أهميتها بالنسبة
للمصور.
فمثلا،
المصور الرياضي قد يكون مهتما بسرعة
الغالق أكثر من عمق الميدان (أي
فتحة العدسة)
ولذلك
فإنه يبني الصورة على السرعة المطلوبة
وقد يترك باقي الأمر للكاميرا لتحديد
الإضاءة المناسبة.
وبالعكس
منه، فهناك مصور المساحات الذي قد يهتم
بعمق الميدان حتى يعطي المساحة (أرض
أو بحر وما إلى ذلك)
حقها
في الوضوح وتكميلا لقصة ما يحاول المصور
أن يخبر بها عن طريق الصورة، وعليه فإنه
يحدد فتحة العدسة المطلوبة وقد يترك
الباقي للكاميرا لتحديد الإضاءة المناسبة
للصورة.
أما
حساسية المستشعر فقد تكون الملاذ الأخير
لأي مصور قد تضطره الظروف إلى التصوير في
أجواء معتمة ولا يتواجد فيها الإضاءة
المناسبة.
ترتبط
هذه العوامل مع بعضها البعض بشكل عكسي،
حيث أنه لو ثبتنا أحد العوامل وغيرنا
الاثنين الأُخريين أحدهما بعكس الآخر
وبنفس المقدار فإنه نظريا يجب أن تبقى
الإضاءة واحدة لا تتغير في الصورة.
مثلاً،
لو التقطنا صورة مستخدمين فتحة عدسة
مساوية لـ«ب/16»
وسرعة
غالق 1/100
(وتكتب
أحيانا 100-1
أو
100
فقط
كما هو الحال في بعض الكاميرات)
ومع
حساسية مستشعر مساوية لـ100،
فإن إضاءة هذه الصورة يجب أن تكون ثابتة
فيما لو التقطنا نفس الصورة تحت نفس
الإضاءة بفتحة عدسة «ب/11»
وسرعة
غالق 1/200
ومع
نفس الحساسية للمستشعر.
وسنأتي
على طريقة القياس هذه لاحقا.
هناك
قاعدة أساسية تكونت في زمن استخدام الأفلام
(وما
زالت الأفلام مستخدمة حقيقةً)
وهذه
القاعدة من المفترض أن تساعد المصور من
دون مقياس الإضاءة.
تسمى
هذه القاعدة بـ«الـ16
المشمسة».
تنص
هذه القاعدة على إنه في اليوم المشمس
(الصحو)
فإن
أنسب إضاءة باستخدام فتحة عدسة ب/16
تكون
مع غالق بسرعة مساوية لمقلوب حساسية
الفيلم (وفي
حالة الكاميرا الرقمية تكون للمستشعر
طبعاً).
بالطبع
إن هذه القاعدة قد تشكلت في المقام الأول
لمصوري المساحات، ومنها كان يتم استخلاص
القيم الأخرى المناسبة لأحوال الطقس
الأخرى وهكذا.
هذا
الاستخلاص يكون عن طريق معرفة طرق الارتباط
بين هذه العوامل، وحتى مع توافر أجهزة
القياس الضوئي فإنه لا بد للمصور من معرفة
هذه الارتباطات؛ فالمقياس لا يحل محل
العقل البشري.
الخطوات
(الوقفات)
يعود
هذا المصطلح كذلك إلى الزمن الكلاسيكي،
حيث كانت أزرار التحكم بمختلف خصائص
الكاميرا تُلف وتتوقف عند نقاط معينة،
وهكذا سميت هذه النقاط بالوقفات (Stops).
سنسميها
بدورنا بالخطوات حيث أن هذا المصطلح هو
الأكثر شيوعا في العربية وهو لا يختلف من
حيث المنطق كما سنرى.
لتسهيل
الأمور على المصور، فإن الثالوث الضوئي
يعتمد على هذه الخطوات، والفرق بين خطوة
وأخرى هو الضعف أو النصف من مقدار الضوء.
يحدث
الكثير من اللغط أحيانا بسبب الزيادة
والنقصان، حيث أن زيادة الإضاءة لخطوة
واحدة بالغالق على سبيل المثال، تتوجب
تبطيء الغالق (أي
زيادة الوقت).
لتلافي
هذا اللغط قدر المستطاع فإنني سوف أصطلح
عبارة «زيادة
الخطوات»
لتعني
زيادة الإضاءة الداخلة إلى الكاميرا
بمقدار معين، و«نقص
الخطوات»
لتعني
تقليل الإضاءة الداخلة إلى الكاميرا
بمقدار معين.
لنأخذ
هذا ببعض التفصيل الآن:
-
زيادة
الخطوات:
للغالق
تكون بزيادة الوقت، وللفتحة تكون بتقليل
العدد البؤري (أي
زيادة حجم الفتحة)،
وللحساسية فتكون بزيادة الحساسية.
-
تقليل
الخطوات:
للغالق
تكون بتقليل الوقت، وللفتحة بزيادة العدد
البؤري (أي
تصغير حجم الفتحة)،
وللحساسية فتكون بتقليل الحساسية.
كما
هو ملاحظ فإن فتحة العدسة قد تكون سببا
لبعض اللغط بسبب اصطلاح «العدد
البؤري»
وقد
ذكرنا مسبقا بأن هذا العدد يستخدم لوصف
فتحات العدسات وهي تكون النسبة بين البعد
البؤري للعدسة وقطر الفتحة وعادة ما يرمز
لها في الكاميرات على شكل (f-number)
أو
(f/number)،
أما بالعربية فسأرمز لها بـ«ب/س»
كما
سبق.
مما
سبق نستوضح بأن العدد البؤري متناسب عكسيا
مع مبدأ الخطوات، أي لزيادة الخطوات
لزيادة الإضاءة فإننا نقلل هذا العدد
(لأنه
بذلك يزيد حجم الفتحة)
والعكس
صحيح في حالة تقليل الإضاءة.
تتعلق
كل خطوة بما قبلها أو بما بعدها بالضعف،
أو بمعامل مقداره «2».
فمثلاً
لو أردنا زيادة الخطوات (أي
الإضاءة)
عن
طريق الغالق إلى خطوة واحدة، فإنه يتوجب
مضاعفة الزمن.
لو
كان ثانية فسيصبح ثانيتان، أو 3
ثوان
فيصبح 6
ثوان،
وهكذا.
بالمقابل
فإن تقليل الخطوات يكون بالقسمة على «2»
(أي
النصف)؛
فالثانية تصبح نصف ثانية، والـ3
ثوان
تصبح ثانية ونصف.
رياضياً،
يمكن التعبير عن هذه العلاقة كالتالي:
غ2
=غ1×2خ؛
حيث
تكون «غ1»
هي
سرعة الغالق الأولية (بوحدة
الزمن)،
و«غ2»
هي
سرعة الغالق المطلوبة بعد الزيادة، و«2خ»
هو
العدد 2
مرفوع
إلى الأس «خ»
الذي
يمثل عدد الخطوات المطلوبة.
طبعاً،
لو كان المطلوب تقليل الخطوات أو الإضاءة
فإن «خ»
ستكون
بإشارة سالبة للدلالة على النقصان.
هذه
العلاقة الرياضية استخدمها كثيرا في
حالات التعريض المطول تحت ظروف مختلفة.
بالنسبة
لحساسية المستشعر فالأمر كما هو في حالة
سرعة الغالق؛ أي الخطوة الواحدة هي عبارة
عن الضعف (أو
النصف نزولا).
شخصيا،
فإنني استخدم الحساسية العالية في الظلام
الدامس عند التصوير الليلي لأنظر كم من
الوقت قد أحتاج في حالة التعريض عند
الحساسية المنخفضة.
سنأتي
على هذا الموضوع لاحقاً.
أما
بالنسبة لفتحة العدسة فإن حساب الخطوات
فيها ليس على منوال واحد كما هو الحال
بالنسبة للغالق والحساسية، وذلك لكون
الخطوات بالنسبة للفتحة تعتمد على جذر 2
وليس
على الضعف.
لكن
في كل الأحوال، فإن الفرق في كمية الإضاءة
بين فتحتي عدسة ما، هو الضعف أو النصف.
عادة
ما تسجل الوقفات الأساسية للفتحات على
العدسات (بحسب
الصنع والشركة المصنعة طبعا)،
وقد تبدأ هذه الوقفات على سبيل المثال من
«ب/0,7»
(لفرضيات
رياضية لا داعي لذكرها الآن)
وتتوالى
بالشكل التالي [0,7،
1,0،
1,4،
2,0،
2,8،
4,0،
5,6،
8,0،
11,0،
16,0،
22,0،
32,0]،
وفي بعض العدسات المعقدة قد تطول هذه
السلسلة لأكثر من القيمة «32».
على
أية حال، استذكار هذه القيم سيتم بشكل
طبيعي إلى حد ما مع كثرة الاستخدام؛ فسيكون
الأمر عندئذ فطريا بعض الشيء.
شريط التعريض (EV) كما يظهر في المشاهدة الآنية. لاحظ تقسيم الشريط إلى أثلاث بين كل قيمتين أساسيتين. |
في
الحقيقة، وفي كثير من الأحيان، يستطيع
المصور ضبط الخطوات أو الوقفات بشكل ميسور
نسبيا من خلال أقراص التحكم بالكاميرا
وما إلى ذلك.
كل
ما هنالك هو معرفة ما إذا كانت الكاميرا
تعتمد نظام تقسيم الأثلاث أو الأنصاف
وهذا يتبين من خلال شريط مستوى الإضاءة
(أو
قيمة التعريض EV).
قد
يكون ثابتا أو يمكن التغيير بين الأثلاث
والأنصاف كما هو الحال في كانون إيوس 7د.
في
الغالب يكون نظام الأثلاث هو المستخدم،
وعندئذ كل ما عليك تذكره هو أن 3
حركات
بالقرص تساوي خطوة واحدة، ولو كانت أنصافا
فإن حركتين فقط تساوي خطوة واحدة.
عند
استخدام أحد الأنظمة الشبه آلية، مثل
الـ(Av)
أو
الـ(Tv)
فإنه
بعد تثبيت القيمة المطلوبة (سواءاً
للفتحة أو الغالق على التوالي)
يمكن
التحكم بكمية الإضاءة عن طريق زيادة أو
تقليل شريط التعريض (ويُعَنْوَن
بـ EV)،
ومنها يتسنى للكاميرا ضبط الأمور الأخرى
لتحقيق هذا المستوى من الإضاءة.
ذكرنا
في مقالة سابقة إن الكاميرا تستخدم طريقة
المقارنة للتوفيق في قياس الإضاءة، أي
قياس الضوء المنعكس إلى الكاميرا ومقارنته
بالرمادي المعتدل (ويسمى
كذلك رمادي 18%).
فلو
افترضنا بأننا نستخدم النظام اليدوي لضبط
الفتحة وسرعة العدسة وقمنا باستخدام
المقياس النُقطي (Spot
Metering) على
نقطة رمادية معتدلة (وهناك
بطاقات مخصصة لهذا الشأن)،
فإنه للحصول على صورة ذات إضاءة معتدلة
علينا أن نعاير شريط التعريض (EV)
إلى
الصفر عن طريق تغيير سرعة الغالق أو حجم
فتحة العدسة.
طبعا
يمكن تغيير الحساسية كذلك للمعايرة، ولكن
هذا الأمر ليس بالعملي وفي الغالب لا داعي
له؛ فحساسية المستشعر كلما قلّت كان هذا
أفضل، ومن المعتاد أن تكون أول شيء يتم
ضبطه قبل الفتحة والغالق.
هذا
ما يخص التعريض المناسب، ولكن ليس بالضرورة
أن يكون هذا هو ما يريد المصور.
لكنها
نقطة للبدء.
مع
تكرار العمل مع الكاميرا ونظام الخطوات
سيكتسب المصور بعض الفطرة في هذا الأمر
بحيث يستطيع أن يحدد مدى الإضاءة المناسبة
للموضوع وكم خطوة يجب أن تزيد أو تنقص
بمجرد النظر.
إنه
تمرين للعين، لا أكثر.
هناك
بعض الحيل المستخدمة في حالة انعدام وجود
البطاقة الرمادية لمعايرة الضوء.
قد
لا تكون هذه الحيل دقيقة إلى حد كبير
ولكنها تساعد إلى حد كبير، وبالأخص لمصوري
المساحات.
فمثلا،
من الممكن استخدام السماء الزرقاء في يوم
صحو(بعيدا
عن الشمس)
للمعايرة
قبل التصوير (وقد
يحتاج المصور إلى زيادة ثلثي خطوة أو خطوة
كاملة)
أو
استخدام الزرع الأخضر للمعايرة مع زيادة
خطوة واحدة للناتج.
لاحظ
هنا، إن نظام قياس الضوء لا يهتم باللون،
ولكن بدرجة انعكاس الإضاءة، ولهذا لعله
من الأنسب تجنب اللونين الأحمر والأصفر
وذلك لشدتهما من ناحية انعكاس الضوء،
بينما الأزرق والأخضر يقعان تقريباً في
منتصف طيف الألوان السبعة.
وفي
أيام الضباب من الممكن استعمال الضباب
للقياس مع زيادة خطوة أو حتى أثنتين بحسب
الطقس ومقدار الإضاءة العامة المتوفرة
للمصور.
من
المهم تذكر بأن المُقاس هو مقدار انعكاس
الضوء، لا اللون.
عند
القياس في أنظمة أولوية الغالق أو الفتحة
فإنه يمكن تسجيل قراءة الضوء في ذاكرة
الكاميرا لبضع ثوان عن طريق ضغط زر ما
(النجمة
«*»
في
حالة كاميرات الكانون)
وذلك
لإتاحة الوقت للمصور لتشكيل وتأطير الصورة
أمامه بعد عملية القياس.
من
الحيل الأخرى والتي كانت (وما
زالت)
مستخدمة
بالأخص لدى مصوري الأفلام هو «نظام
المناطق»
(Zone System)،
ولا داعي لشرحه الآن ولكنه ببساطة شديد
يعتمد على تصور ورؤية المصور للمشهد
المراد تصويره وتقسيم الإضاءة فيه نظريا
بحيث تكون المنطقة المعتدلة بالإضاءة هي
منطقة المنتصف (أو
المنطقة الخامسة من أصل 11
منطقة)
ومنها
يتم تحديد التعريض المناسب وكذلك نوع
التحميض المناسب بالنسبة للأفلام.
التعريض
المطول
من
التقنيات المعروفة في عالم التصوير، هناك
ما يسمى بـ«التعريض
المطول»
(Long Exposure)،
والحقيقة أن بعض المصادر والكتب تختلف
في تعريف هذه التقنية؛ فمنهم من يعرّفه
بأنه التعريض الذي تطول مدته عن 30
ثانية
(وهي
المدة الزمنية القصوى في الكاميرات عادة)،
وهناك من يعرّفه بأنه التعريض الذي لا
يمكن تجنب الاهتزاز معه ولا بد من تثبيت
الكاميرا بدلا من حملها باليد وحدها (أي
حتى لو كان التعريض ثانية واحدة، فإنه
يعتبر مطولاً أحيانا).
أما
أنا، فسأناقش التعريض المطول الذي يبدأ
من 30
ثانية
فما فوق، أو محاولات استطالة التعريض
لأكثر من اللازم.
في
كِلا الحالتين يفضل بأن يكون المصور ملما
ببعض الرياضيات بعض الشيء.
أنا
شخصيا أحتفظ بآلة حاسبة في حقيبة الكاميرا،
مع الكاميرا والعدسات...
الخ،
ذلك لأن بعض الحسابات المعقدة قليلا يصعب
أو يطول حسابها من غير مساعدة.
لتبسيط
الأمور فإنني سأحاول تقسيم محاور هذه
التقنية إلى حالات، وفي كل حالة هناك
طريقة معينة لحساب الوقت المستغرق (أو
الواجب استغراقه)
للتعريض
المناسب.
أ-
الحالة
الأولى:
التصوير
الليلي
إن
التصوير الليلي هو من أحب الأنشطة لدي وبالأخص
في فصل الشتاء، وذلك لما توفره من هدوء
(ليس
تماما!)
وسكينة.
على
أن هذا النوع من التصوير قد يطول جدا، وفي
بعض الأحيان أجد نفسي مضطرا لاستخدام
تقنية «النطاق
العالي»
المعروفة
باسم (HDR)،
وسنتكلم عنها لاحقا إن شاء الله.
عند
التعريض المطول الليلي على المصور توقع
الغير متوقع، من ظروف ونتائج.
ولهذا
فإنه من المناسب استخدام نظام الراو (RAW)
هنا
بدلا من التصوير بنظام الجاي.بي.جي
المضغوط.
ذلك
لأن نظام الراو هو في الحقيقة مشابه للصورة
السالبة في الأفلام، ولكن بشكل رقمي.
قد
لا يتأتى لنا الآن الشرح المطول والمقارنة
بين هذين النظامين ولكن يفضل للمصور
الساعي للتعريض المطول بشتى أشكاله (بل
ولمعظم أنواع التصوير كذلك)
– يفضل
له أن يتعامل مع هذا النظام وذلك لتوفيره
المعلومات والبيانات مع الصورة من غير
ضغط بحيث يستطيع المصور إصلاح بعض الأخطاء
بسهولة ويسر أكبر مما هو الحال مع الملفات
المضغوطة، كالجاي.بي.جي.
سنعرّب
الراو إلى «السالب
الرقمي».
كذلك
على المصور توقع الكثير من الضوضاء الرقمية
التي قد تشوش على الصورة وتجعلها غير
واضحة تماما (وهناك
طرق للتنظيف ولكن قد لا تكون مجدية في كل
الأحوال).
إن
الضوضاء تزيد بشكل واضح في حال ما إذا كان
التعريض المطول في فصل الصيف، وكلما طال
التعريض كثرت الضوضاء كذلك.
نأتي
الآن لشرح كيفية التعريض، وطريقتي تعتمد
على بعض الرياضيات، ولكن في بعض الحالات
يمكن حساب الوقت اللازم بأصابع اليد
الواحدة أحيانا!
سأفترض
هنا بأن المصور يستخدم عدسة آلية لتسهيل
الموضوع:
1.
يفضل
في البداية استخدام النظام اليدوي (Manual)
والذي
يتيح للمصور التحكم بالغالق والفتحة
مباشرة.
2.
من
المناسب بداية استخدام فتحة مقاس ب/8،
لكنه ليس شرطا.
3.
يفضل
استخدام نظام المشاهدة الآنية (LiveView)،
وإن لم يتواجد هذا النظام في الكاميرا
فعلى المصور بذل بعض الجهد في التركيز في
الظلام من خلال العينية.
وهناك
بعض التفاصيل بهذا الشأن قد أوردها في
مقال آخر عن التصوير الليلي بالذات.
4.
تُرفع
الحساسية إلى أعلى مستوى ممكن.
لو
كانت العدسة من النوع الآلي فإن نظام
المشاهدة الآنية يمكنه محاكاة الصورة
والتعرف على معالمها في الظلام أحيانا.
منها
يتم ضبط التركيز إن أمكن.
لندعو
قيمة هذه الحساسية «ح2»
(في
كاميرا كانون إيوس 7د
هذه القيمة تكون 800‘12).
5.
والآن
لنفترض بأنه قد تم تعيين المشهد والإطار
العام للصورة، لتحديد الإضاءة المناسبة
يتم تغيير سرعة الغالق ومشاهدة تغير
الإضاءة في نظام المشاهدة الآنية، ولتقييم
أفضل يفضل مشاهدة «مخطط
الإضاءة»
أو
الـ (Histogram)
وسيأتي
التفصيل عنه لاحقاً إن شاء الله.
في
العادة، فإنه لمشاهدة هذه المعلومات على
الشاشة، يجب الضغط على زر المعلومات
(INFO)
عند
المشاهدة.
إذا
لم يكن ذلك ممكنا، عندئذ سيضطر المصور
إلى التقاط بعض الصور التجريبية ومن خلال
عرضها تتم معينة مخطط الضوء.
لاحظ
إنه لو كان في المشهد بعض أضواء المدينة،
فأن الانقطاع الخفيف في اللون الأبيض
(يمين
المخطط)
هو
شيء طبيعي، وسنأتي على شرحه لاحقاً.
6.
عند
إتمام الخطوة الخامسة فإنه سيكون لدينا
الآن فكرة عن الوقت المطلوب لتحقيق الإضاءة
التي نصبو إليها باستخدام أعلى حساسية
ممكنة.
سندعو
هذا الوقت أو الزمن «ز2».
أما
الآن فالسؤال هو:
كم
من الوقت سنحتاج إذن لو أردنا العودة إلى
الحساسية الأولى (والتي
هي أدنى قيمة من الثانية)؟
من البديهي أن الوقت سيكون أطول لأن
الحساسية ستكون أقل (وفي
كانون إيوس 7د
فهي مساوية لـ100).
ترتبط
هذه القيم بعلاقة رياضية قد تبدو معقدة
للوهلة الأولى ولكنها بسيطة جداً حقيقة،
وهي:
ز1=ز2×(ح2÷ح1)؛
حيث
تكون «ز1»
هي
للزمن تحت الحساسية الأولى أو الأدنى،
و«ز2»
هو
الزمن في الحساسية الثانية (الأعلى).
أما
«ح2»
و«ح1»
فهما
الحساسية الثانية (الأعلى)
والأولى
(الأدنى)
على
التوالي.
ماذا
تعني هذه المعادلة؟ إنها ببساطة تقول:
كرر
الزمن الثاني بعدد الخطوات التي بين
الحساسية الثانية والأولى؛ فناتج قسمة
الحساسيتين هو في الحقيقة ليس سوى عدد
الخطوات مبسطاً.
على
سبيل المثال، في كانون إيوس 7د،
فإن أعلى حساسية هي 800‘12،
وأدناها 100
– ويكون
ناتج القسمة بينهما هو 128.
هذا
العدد ليس سوى 72،
أي العدد «2»
مرفوعا
للأس 7،
أي 7
خطوات
كاملة ما بين الحساسيتين.
Extraterrestrial (لا أرضي) روكينون 8مم عين سمكة، ب/8، 8 دقائق، ح100. الموقع: ساحل السالمية، الكويت. |
7.
مثال
حي على ذلك من الصورة المدرجة أعلاه (مع
اختلاف بسيط هو أن العدسة هنا كانت يدوية).
عند
معاينة هذه الصورة تحت حساسية 800‘12،
فإن الزمن المطلوب للتعريض المناسب كان
يناهز أربع ثوان (مع
التجربة والخطأ).
إذن:
ز1=4×(12800÷100)
ز1=512
ثانية،
أي 8
دقائق
ونصف!
وهنا
في الحقيقة قد أجريت تعديلاً طفيفا حيث
جعلت التعريض لثمان دقائق فقط، حيث أن
الوقت كان قريبا من الشروق والإضاءة في
هذا الوقت من اليوم تتبدل سريعا (وعند
الغروب كذلك)،
ولذا يحتاط لذلك بتقليل بضع ثوان من الزمن
المطلوب (أو
زيادة بضع ثوان في حالة الغروب).
ومع
تكرار العملية ستكون هذه الأمور بديهية
بعض الشيء لدى المصور.
هذا
فيما يختص بالتصوير الليلي مع بعض ما
يتعلق بالتعريض.
كنت
أود أن أُفرد مقالة مخصصة للتصوير الليلي
ولربما أفعل ذلك لاحقا، فالأمر ليس مجرد
حساب التعريض، وإنما أسلوب عمل كامل في
الظلمة.
ب.
الحالة
الثانية:
تمديد
الزمن
في
هذه الحالة، وهي غالبا ما تكون في النهار،
قد يحتاج المصور أن يمدد من زمن التعريض
وذلك لأسباب عدة، لعل أشهرها هو تصوير
شلالات المياه أو الماء الجاري بحيث تتكون
في الصورة النهائية صورة شبه قطنية للماء
الجاري (وذلك
يعتمد على سرعة جريانه)،
وهناك أيضا تصوير الغيوم المتحركة لتعطي
انطباعا حركيا في الصورة.
في
التصوير الليلي أو الضوء الخافت فإن هذه
الأمور تحدث بشكل طبيعي ولكن في التصوير
النهاري فإنه يجب على المصور أن يخفف من
حدة الضوء الداخل إلى الكاميرا لتمديد
الزمن المطلوب.
أي
إننا نتكلم عن تمديد متعمد للزمن.
في
هذه الحالة فإن المصور سيحتاج إلى ما يسمى
بـ«المرشح
المحايد»
(Neutral Density Filter, ND). يقوم
هذا المرشح بإضعاف الضوء الداخل إلى
الكاميرا بقدر معين من الخطوات (تكون
القيمة مسجلة على المرشح عادة)،
وبهذا يتسنى للمصور أن يمدد زمن التعريض
بهذا القدر من الخطوات، أي لو كان المرشح
يضعف الضوء بمقدار 3
خطوات،
فإن الزمن سيطول لـ 3
خطوات
كذلك.
Doomsday (يوم الدينونة) لاحظ اللون القرمزي للصورة بسبب استخدام أكثر من مرشح حيادي. أنقر للتكبير. |
يمكن
كذلك استخدام هذه المرشحات فوق بعضها
البعض لزيادة العتمة وعدد الخطوات المطلوبة
ولكن هذا الأمر لا يُنصح به عادة حيث أن
ذلك سيكسب الصورة النهائية صبغة غير مرغوب
بها (ويعتمد
الأمر كذلك على جودة الصنع)،
وإن كانت هذه الصبغة سهلة المعالجة بعض
الشيء عند التصوير بالسالب الرقمي (الراو)،
ولكن لا يُضمن ذلك في كل الأوقات.
تختلف
الشركات المصنعة لهذه المرشحات في طريقة
كتابة عدد الخطوات، وفي كل الأحوال، فإنها
تزود المستهلك عادة بهذه المعلومات.
أنا
شخصيا من مستخدمي مرشحات كوكن (Cokin)
وهذه
الشركة عادة ما تُعنون هذه المرشحات
بـ(NDx)،
والـ(x)
هنا
قد يحل محلها عدد ما، مثل 2
أو
4
أو
8،
وقد يكون أكثر من ذلك.
هذه
الأعداد هي في الحقيقة ناتجة عن رفع العدد
2
إلى
الأس 1
أو
2
أو
3
على
التوالي؛ أي بمعنى آخر، هذه المرشحات
توفر خطوة أو خطوتين أو ثلاث خطوات من
العتمة.
عدد من المرشحات الحيادية (ND) وهي من اليمين إلى اليسار: ND8، ND4، ND2. لاحظ كيف تزداد العتمة مع زيادة عدد الخطوات للمرشح, |
لنضرب
مثالاً على ذلك:
لو
افترضنا إننا بصدد تصوير نهرٍ جارٍ، وقد
قمنا بقياس الضوء المطلوب فتبين لنا أن
سرعة الغالق (أي
الزمن)
المطلوب
كان 1/60
جزء
من الثانية (وتكتب
في كاميرات كانون على شكل 60
فقط).
تبين
لنا مع التجربة، مثلاً، بأن سرعة الغالق
هذه لا تفي بالغرض وأن الماء لم يصبح بعد
بالشكل المطلوب (كالقطن
مثلا).
عندئذ،
فلو استخدمنا مرشحا ذو ثلاث خطوات (ND8)،
فماذا سيكون الوقت اللازم عندئذ؟
الحل
بسيط كما أسلفنا:
غ2=غ1×2خ
؛
=(1/60)×8
= 2/15؛
والأقرب لها في إعدادات الكاميرا سيكون
1/8
ثانية.
(بالتعبير
العشري:
2/15 = 0,133،
1/8
= 0,125)
حسناً،
ربما أطلت الأمر بعض الشيء هنا، لأنه يمكن
للمصور زيادة الوقت لثلاث خطوات من خلال
الكاميرا مباشرة كما أسلفنا حيث تكون كل
ثلاث حركات للقرص مساوية لخطوة واحدة
(إذا
كانت الكاميرا مضبوطة لاستعمال الأثلاث
بدلا من الأنصاف على الغالب)،
فسنلاحظ أنه لو حركنا القرص تسع مرات
(تذكّر،
كل 3
وقفات
على القرص تساوي خطوة)
ابتداءا
من 1/60
فسننتهي
عند 1/8
(وكلا
العددين يعبر عنهما مباشرة من غير أي كسر
في كاميرات الكانون).
سنرى
الآن لماذا الرياضيات هنا مهمة مع إن
العملية سهلة من خلال استخدام القرص
للتحكم بسرعة الغالق في الكاميرا.
ج.
الحالة
الثالثة:
التمديد
المحسوب
هذه
الحالة قد تُعتبر من ضمن الحالة الثانية
ولكن إذا لم نفهم المعادلة البسيطة في
الحالة الثانية فلربما لن يكون من السهل
التداول مع هذه الحالة.
في
هذه الحالة فإننا نبدأ حساباتنا من الزمن
المطلوب لنستخلص كم خطوة يجب إضعاف الضوء
بها من خلال المرشحات؛ أي، إنها بعكس
الحالة الثانية تماما.
الأسباب
أيضا قد تكون عديدة؛ منها حركة الغيوم
والماء، وعلى كلٍّ، هذا كله يعتمد على
خبرة المصور التي تُبنى مع الوقت.
التعريض
المطول أحيانا يستوجب دراسة مسبقة للحدث
حتى لا يضيع الوقت في التجربة والخطأ، لا
سيما مع المرشحات الحيادية.
المعادلة
المطلوبة هنا مستخلصة من المعادلة السابقة
للغالق ولكن لن أخوض في علم الجبر هنا،
فيكفي شكل المعادلة واستخدامها المطلوب:
خ=لو(غ2÷غ1)÷لو2؛
أي
أن عدد الخطوات المطلوبة سيكون لوغاريتم
مقسوم «غ2»
على
«غ1»
والكل
مقسوم على لوغاريتم «2».
هل
عرف عزيزي القارئ لِمَ أحتفظ بآلة حاسبة
معي طوال الوقت؟
حسناً،
لتوضيح قيم المعادلة:
«خ»
هو
عدد الخطوات المطلوب حسابه، «غ2»
هو
الزمن أو سرعة الغالق التي ننشدها بعد
الزيادة، «غ1»
هو
الزمن أو سرعة الغالق الطبيعية للقطة من
غير أي زيادة.
Hurry Up (أسرع!) كانت الصورة الأصلية بصبغة قرمزية بسبب تراكم المرشحات الحيادية فتم تعديل الألوان بنجاح في الحاسوب. المدة الكلية: ساعة تقريبا. |
لنضرب
مثالا حيا على ذلك.
في
الصورة أعلاه، كانت سرعة الغالق في هذه
الغرفة المعتمة تناهز 7
ثوان.
كان
علي حساب كم خطوة أحتاج (من
خلال المرشحات أو حتى من خلال تضييق فتحة
العدسة)
لالتقاط
هذه الصورة خلال ساعة كاملة!
إن
الجو الداخلي في المنزل بارد نسبيا ولهذا
فإن الضوضاء الرقمية لن تكون بارزة جداً
(ولكنها
موجودة).
علينا
أن نتذكر دائما أن تكون وحدات الزمن دائما
متساوية ومن نفس النوع، ولذا فإن ساعة
كاملة تساوي 3600
ثانية،
وهذه هي القيمة التي ندخلها في المعادلة:
لو(3600÷7)÷لو2؛
لو(514,29)÷لو2؛
2,71÷0,30
= 9 تقريباً
إذن،
فنحن نحتاج إلى حوالي 9
خطوات
لإتمام هذه العملية.
لذا،
قمت باستخدام 3
مرشحات
من نوع (ND8)،
أي أن كل واحد منها يوفّر عتمة مساوية
لثلاث خطوات.
عند
استخدام أكثر من مرشح من هذا النوع فإن
عدد الخطوات يكون مجموع الكل ببساطة.
في
الحقيقة كانت الصورة الابتدائية بلون
قرمزي بسبب تراكم المرشحات فوق بعضها
ولكن تمت معالجة الأمور بسهولة من خلال
إعادة تحديد المستوى الأبيض عند معالجة
السالب الرقمي (الراو).
الخلاصة
كل
هذه الحالات التي سبق ذكرها يمكن أن تتم
في نظام «أولوية
الفتحة Av»
مثلاً
(إن
كانت في حدود الممكن)
عن
طريق التحكم بشريط التعريض، ولكن في كثير
من الحالات على أية حال، وبالأخص في
التصوير الليلي، سيضطر المصور إلى الركون
إلى نظام التعريض المطول (Bulb)
لأن
شريط التعريض يكون محدوداً (ويختلف
هذا الحد من كاميرا إلى أخرى).
في
كاميرا كانون إيوس 7د،
فإن الحد هو 3
خطوات
صعوداً أو نزولاً (أي
المجموع 6).
ولذلك
فأنا لا أفضل استخدام الأنظمة الشبه آلية،
ولكن علي معالجة الأمر مباشرة بالنظام
اليدوي (Manual)
أو
التعريض المطول (Bulb).
لا
تقلق عزيزي القارئ من الفشل في بضع من هذه
المحاولات، فقد استغرق الأمر مني ما يقارب
السنة (وربما
أكثر)
لأتفهم
طبيعة هذه العوامل وعلاقتها مع بعضها
البعض.
المهم
في الأمر هو أن يكون المصور في علاقة حب
مع التصوير بحيث يستطيع هضم المعلومات
الكثيرة عن شتى هذه الموضوعات دون كلل أو
ملل.
والتجربة
خير برهان.
المخطط
الضوئي (Histogram)
قد
لا أكون محقا في تعريب هذه الكلمة، حيث
أن كلمة (Histogram)
تعني
مخطط بياني فقط.
لكن
كان لا بد من إضافة كلمة «ضوئي»
إلى
المعنى للإيحاء بدور هذا المخطط في عملية
التصوير.
ما
هو المخطط الضوئي؟ هو، ببساطة شديدة،
عبارة عن مخطط لمساعدة المصور في عملية
الحكم على الإضاءة في الصورة (الملتقطة،
والمراد التقاطها كذلك)
وتقرير
ما إذا كان يلزم هناك أية تعديلات على
مستوى التعريض الضوئي.
قد
يتساءل القارئ:
أليس
من الممكن الحكم عن طريق النظر إلى شاشة
الكاميرا وحدها فحسب؟ الإجابة هي:
كلا،
ليس ذلك ممكنا في كل الأحوال، ولكن في
بعضها فقط.
إن
شاشة العرض المتوفرة في كاميرات اليوم
هي مجرد أداة لتقييم تراكيب الصورة
الملتقطة ولا تصلح للحكم على مستوى الإضاءة
لعدة أسباب:
1.
الشاشة
تتبدل إضاءتها بحسب مستوى الإضاءة المحيطة
بها (بحسب
نوع الكاميرا طبعا).
مع
هذا التغير، لا يمكن للمصور الاعتماد على
هذا التقييم لأنه، ببساطة، ليس ثابتا.
2.
مدى
عرض الألوان في هذه الشاشة الصغيرة ليس
كبيراً؛ أي درجة إتقان عرض الألوان ليس
بالمناسب لتقرير ما إذا كانت الصورة
بالمدى المطلوب.
3.
الصورة
المعروضة هي صورة مضغوطة (من
نوع جاي.بي.جي)
التي
تكونها الكاميرا مؤقتا للعرض.
صحيح
أن المخطط الضوئي يعتمد في تركيبه على
هذه الصورة المضغوطة ولكن يمكن الحكم
والتنبؤ بمستقبل الصورة بشكل أفضل من هذا
المخطط أكثر مما هو الحال من الصورة
المضغوطة؛ هذا بالضبط ما يحدث في علم
الإحصاء على سبيل المثال من حيث استخدام
المخططات البيانية لاتخاذ الإجراءات
المطلوبة.
نماذج مخططات لنفس اللقطة مع تغيير شدة التعريض. لاحظ العلاقة بين إضاءة الصورة وإزاحة المخطط الأفقية. |
يمكن
عرض المخطط عن طريق الضغط على زر المعلومات
(INFO)
في
معظم كاميرات الكانون ولا أعتقد إن الأمر
يختلف كثيرا في الأنواع الأخرى.
بل
ويمكن عرض هذا المخطط للصورة بعد التقاطها
وفي بعض الأحيان قبل التقاطها من خلال
نظام المشاهدة الآنية.
هناك
بعض التحفظ على تعبير «ضوئي»
عند
وصف هذا المخطط، وذلك، أولاً، لكون هذا
المخطط يعتمد على معلومات رقمية في الأساس،
فهو لا يصف مستوى الضوء الفعلي، ولكن يصف
الإضاءة وشدتها (مع
الألوان الأساسية كذلك في بعض الأحيان)
من
الصورة ذاتها.
وثانياً،
إن هذا المخطط يعنى بمستقبل طباعة الصورة
بحد ذاتها لا بمنظر الصورة على الأجهزة
الرقمية (والحقيقة
إنه على المصور معايرة هذه الأشياء،
وسيأتي الحديث عنها في يوم ما).
على
كلٍّ، فالإفادة من هذه الخاصية لا يمكن
الاستغناء عنها.
عند
التحدث عن هذا المخطط هناك بعض المصطلحات
المخصصة لهذا الغرض، ولو كان المخطط
ببساطة يصف شدة اللونين الأبيض والأسود،
ويمكن أيضا عرض المعلومات الملحقة بباقي
الألوان الرئيسية (الأحمر
والأخضر والأزرق)
ولكن
لا يهمنا هذا الآن، فسنركز على الأبيض
والأسود وما بينهما.
عند
التحدث عن المناطق المشعة أو البيضاء
ودرجاتها فإنه يطلق عليها اسم «السواطع»
(Highlights) وهي
تكون على اليمين من المخطط (في
الحقيقة إن الكلمة من تعريبي شخصيا)،
أما المناطق الداكنة فإنها تدعى «الظلال»
(Shadows) وتقع
على اليسار من المخطط.
أما
في المنتصف من المخطط مع المنطقة المحيطة
بهذه النقطة فتدعى بعدة أسماء، منها
«المدى
الأوسط»
(Midtones) أو
«غاما»
(Gamma, γ)،
وسنستعمل هنا تعبير المدى الأوسط.
مخطط ضوئي لأحدى الصور مستمد من برنامج الفوتوشوب وهو لا يختلف كثيرا عن المخططات في الكاميرا نفسها. |
يتم
تدريج المخطط من اليسار إلى اليمين
بالأعداد من «0»
إلى
«255»،
حيث يدل «0»
على
الأسود الخالص،ويدل «255»
على
الأبيض الخالص، من منطلق رقمي.
قد
يلاحظ المصور في بعض الأحيان عند التقاط
بعض الصور بأنه قد يتشكل خط عمودي مستقيم
عند الحواف القصوى من المخطط، سواءا في
منطقة السواطع أو الظلال، وهذا قد يدل
على ما يسمى بـ«القطع»
أو
الخروج عن المدى، وسنتكلم عن هذا بعد
قليل.
هذه
القيم الرقمية هي الكيفية التي تفسر فيها
الأجهزة الرقمية الألوان وشدتها بطريقة
رقمية، ومنها أيضا يمكن التنبؤ بإمكانيات
الطباعة وما إذا كانت هناك مشاكل من نوع
خاص متوقعة عند طباعة الصورة.
من
منطلق الخطوات التي شرحناها سابقا، فإنه
يمكن تقريب هذا المخطط أو تخيله بأنه
يتكون من 5
خطوات
وهذا فقط لمساعدة المصور على رفع أو خفض
الخطوات عند التصوير إذا ما تطلب الأمر
ذلك من خلال النظر إلى هذا المخطط.
يفضل
عند التصوير أو حتى عند تحسين الصورة في
الحاسوب بأن تظل الهيئة العامة للمخطط
بالحدود المسموحة (أي
أن لا يتسرب المخطط إلى ما بعد أقصى اليمين
أو أقصى اليسار)
وذلك
للحفاظ على إمكانية الطباعة.
عند
الطباعة، لا يوجد هناك ما يسمى بالحبر
الأبيض، ولذا فإن الطابعة تترجم النقطة
«255»
إلى
ما يشبه أمر (لا
تطبع هنا!).
ولهذا
فإنه إذا كانت هناك بعض التفاصيل في الصورة
التي تكون شدة سطوعها تساوي «255»
أو
قريبة من ذلك فإنها قد لا تُطبع (علاوة
على فقدان التفاصيل في الصورة الرقمية
أصلا).
لذلك
فإنه يُنصح بأن يتم تقليل درجة السطوع
للصورة (إلى
213
إذا
أمكن)
عند
عمليات تحسين الصورة أو عند التقاط الصورة،
وقد لا يكون هذا الأمر ممكناً دائماً.
والأمر
يتكرر كذلك بالنسبة لمنطقة الظلال واللون
الأسود، فإنه قد تُفقد بعض التفاصيل
المطلوبة في الصورة الرقمية.
كتاب «فن التصوير» لمؤلفه: بروس بارنباوم المصدر |
أمور
الطباعة في الحقيقة من العلوم الواسعة
ولا يسع المجال إلى ذكرها كلها هنا، بَيْدَ
أن بعض المصورين المحترفين ينصح بتقليل
الاهتمام بهذا الموضوع (لكن
ليس إهماله طبعاً!).
يذكر
المصور بروس بارنباوم في كتابه «فن
التصوير»:
يجب
على المصور أن لا يقلق كثيرا من تسرب
المخطط في منطقة السطوع أو الظلال طالما
كانت الصورة المعروضة على الشاشة تتطابق
ما تخيله وتصوره عند القيام بالتصوير،
ولكن يجب أن لا يكون هذا التسرب كبيرا
بشكل يضر الصورة عند الطباعة (بتصرف).
وهكذا
نرى بأن الصورة الجيدة ليست بالضرورة هي
تلك الصورة التي يكون مخططها الضوئي
متمركزا عند المدى الأوسط، فقد تكون رتيبة
بهذا الشكل ولا تجذب الأعين إليها.
بل
يجب أن يكون هناك بعض التباين بين السواطع
والظلال لإبراز معالم الصورة بشكل أفضل،
كما الألوان.
ولكن
ماذا لو كان الموضوع المراد تصويره معقد
للغاية ودرجة التباين بين السواطع والظلال
كبيرة جدا بحيث لا يمكن احتوائها في صورة
واحدة؟
صور
النطاق العالي (HDRI)
وتترجم
كذلك إلى الصور ذات النطاق الديناميكي
العالي.
إن
هذا الموضوع قد يكون شائكا بعض الشيء وفي
الحقيقة إن موضوعا مثل هذا يتطلب كتابا
كاملا لبحثه.
ويزيد
من تعقيد الأمور هو اعتقاد الأغلبية (من
المصورين وغيرهم)
بأن
صور النطاق العالي هي من أنواع «الفن»
أو
الموضة كما تدعى. إن
هذا النوع من التصوير قد تم تطويره في
المقام الأول للإجابة على السؤال في آخر
العنوان السابق.
للشرح
سنتدرج بالطرح مع التبسيط قدر المستطاع.
ماذا
نعني بـ«النطاق»؟
إن النطاق هو تعبير لوصف مدى استيعاب
الوسط التي يتم تسجيل الصورة عليه – مدى
استيعابه للدرجات المختلفة من الإضاءات
المختلفة وإظهار التفاصيل في مناطق مختلفة
من السواطع والظلال.
في
الزمن الكلاسيكي كان هذا الوسط عبارة عن
شريط حساس للضوء أما اليوم فهو المستشعر
في الكاميرات الرقمية.
من
غير الدخول في التفاصيل الرياضية المستخدمة
لوصف هذه الحساسية للضوء، فإن الأفلام
(الأبيض
والأسود بالذات)
تمتلك
مدىً أكبر في تسجيل التفاصيل عند السواطع
والظلال بسبب تركيبها الكيميائي وما إلى
ذلك.
كانت
المقولة الشائعة آنذاك:
قِس
ضوءك في الظل، وحمّض للسواطع؛ أي كان على
المصور قياس الضوء في منطقة الظل لضمان
الحصول على التفاصيل في تلك المنطقة، أما
السواطع فإنه يتم التحكم بالتفاصيل فيها
من خلال عملية التحميض.
للأسف
إنني لم أعمل مطلقا مع الأفلام ولا تحميضها
ولكنني لا أشك بأن الأمر سيكون ممتعا
حقاً!
لقد
أَورد بروس بارنباوم في كتابه «فن
التصوير»
معلومات
جمة عن هذه العملية.
على
أية حال، فالأمر يختلف بالنسبة للمستشعرات.
فنطاقها
محدود بما هو أقل من نطاق الأفلام (مع
المحاولات لزيادة هذا النطاق من قبل
الشركات المصنعة للكاميرات).
إذن،
فما العمل عند تصوير منظر ما يكون فيه
التباين شديدا بين السواطع والظلال؟ الحل
هو التقاط صورتين أو أكثر بحيث تكون كل
واحدة منها على درجة مختلفة من الإضاءة
(وفي
كاميرات الكانون يمكن التقاط صور ثلاثية
مباشرة بشكل آلي على خطوات مختلفة من
بعضها).
بعدئذ
يتم دمج هذه الصور لتكوين صورة واحدة، هي
صورة ذات نطاق عالي وتحتوي على معلومات
جمة عن الإضاءة.
هذه
الصور لا يمكن طباعتها لأنه لا يوجد
التقنية حتى الآن لعرض هذه الصور أو
طباعتها، بل كل ما يمكن مشاهدته عبر الشاشة
هو درجة معينة من الإضاءة فقط، ويمكن
تغييرهذه الدرجة حسب الطلب في البرامج
المختصة.
إذن،
من الممكن إطلاق اسم «أرشيف
ضوئي»
على
هذا النوع من الصور.
بعد
تكوين هذه الصورة يمكن للمصور التحكم
بمقدّرات الصورة عن طريق التحكم بالإضاءة
بعملية تسمى «إعادة
توزيع الإضاءة»
(Tone-mapping).
في هذا الفيديو قمت يتصوير عملية تغيير الإضاءة بشكل رقمي في برنامج الفوتوشوب لملف عالي النطاق.
لاحظ أن المصباح الكهربائي ذو إضاءة ثابتة، ولكن تم التقاط 11 صورة ذوات تعريضات متدرجة للمصباح ودمجها في ملف ذو نطاق عالي.
لاحظ كذلك طريقة تبدل الإضاءة والظل حول المصباح كأنما الإضاءة تتغير بشكل حقيقي للمصباح.
لاحظ أن المصباح الكهربائي ذو إضاءة ثابتة، ولكن تم التقاط 11 صورة ذوات تعريضات متدرجة للمصباح ودمجها في ملف ذو نطاق عالي.
لاحظ كذلك طريقة تبدل الإضاءة والظل حول المصباح كأنما الإضاءة تتغير بشكل حقيقي للمصباح.
هناك
بعض من المصورين الذين يلتقطون صورة واحدة
ويتم التلاعب بها عن طريق برامج وتطبيقات
عديدة (بالأخص
المتوفرة على أجهزة المحمول الآن)
ويكوّن
صورة تكون ذات تباين شديد وألوان مشبعة،
وللأسف يطلق على هذا النوع من الصور (HDR)
أو
صورة ذات نطاق عالي، وفي الحقيقة هي لا
تمت إلى هذه التقنية بصلة.
هذه
التقنية في التلاعب بالصورة تسمى أحيانا
بـ«النطاق
الكاذب»
(Pseudo-HDR, Fake HDR) وهي
كذلك ليست إحدى الفنون.
فالتصوير
للنطاق العالي هو تقنية تصوير بحتة، وما
يفعله المصور بالصورة ذات النطاق العالي
وكيفية تحكمه بالإضاءة في هذه الصورة هو
شيء آخر تماما لا يجوز أن نطلق عليه اسم
«نطاق
عالي»،
وإنما يجب تسميته بـ«إعادة
توزيع».
إذا
أمكن فلربما تمكنت من إفراد مقالة مخصصة
لهذه التقنية، وهي مفيدة جدا بالنسبة
إلي، خصوصا عند تصوير المشاهد المستعرضة
(Panorama)
في
الخارج عندما تكون الشمس شديد السطوع
والظلال شديدة العتمة بحيث يصعب معها
الاتكال على صورة واحدة لاحتواء جميع
التفاصيل.
الخاتمة
ربما
أطلت كثيرا في هذه المقالة، وأعلم بأنني
لم أسرد كل ما يتعلق في مجال التعريض وقياس
الضوء؛ فهناك كتب جمة تتفرد في هذه
الموضوعات خاصة، لأن المعلومات المتعلقة
بهذا المجال كثيرة، ولكن مع استمرار
المصور بالتجربة والخطأ فإن هذا يعتبر
خط التعليم الأول للمصور، وحتى من دون
قراءة الكتب المتخصصة بهذا الفن.
لكن
الخطوة الأهم في حياة المصور هي:
عدم
الخوف من الخطأ.
والثانية:
عدم
توقع عملا فنيا في كل ضغطة لزر الغالق!
أتمنى
أن تكون هذه المقالة قد أفادت عزيزي القارئ
ولو بالشيء اليسير.
على
أن نلتقي في الأسبوع القادم إن شاء الله…
بارك الله فيكم .. مقالة ممتازة
ردحذفنشكركم على المرور ونرجو أن تكون المقالة مفيدة لكم.
ردحذفبارك الله فيك سؤال كيف يمكن حساب قيم الفلتر المحايد المتدرج اذا تم تطبيقه على الحاسبة
ردحذفالسلام عليكم، عذرا على الرد المتأخر. المرشح المحايد المتدرج لا يختلف عن المحايد العادي في الحساب، الفرق فقط أنه متدرج التعتيم. شخصيا لم استخدم مرشح من هذا النوع ولكن عن طريق مصورين آخرين تبين لي بأن الأمر يتعلق ببعض التجربة والخطأ، ويبدو كذلك أن هذا المرشح لا يستخدم (تقليديا) في التعريض المطوّل ولكنما لمقاربة المناطق الساطعة والظلال في المشهد. من ناحية درجات التعتيم فالرمز يعتمد على الشركة المصنعة، فمنها الذي يستخدم المقياس اللوغاريتمي ومنها الذي يستخدم مقياس الخطوات بالعدد، ومنها الذي يستخدم حاصل رفع العدد (2) إلى عدد الخطوات. هذا النظام الأخير هو أسهلها حسابا - لو كان المرشح معنون مثلا بـ 1000، فيكفي ضرب هذا العدد بقيمة سرعة الغالق لنحصل على سرعة الغالق الجديدة التي توفر نفس درجة الإضاءة مع وضع المرشح. مثلا لو كان التعريض المناسب للصورة هو نصف ثانية، فمع وضع المرشح يجب أن يكون التعريض: 1000×0.5 = 500 ثانية، وهكذا.
حذفوهذه الطريقة في الحساب يُفترض أنها لا تتغير بنوع المرشح، سواء الصافي منها أو المتدرج. أرجو أن تكون الإجابة مفيدة لكم ونعتذر مرة أخرى عن الرد المتأخر.