الخميس، 24 نوفمبر 2016

تمرير العالي (High Pass)…

بعد انقطاع لفترة أعود لكتابة مقالة أخرى في هذه المدونة على أمل أن تحوز على الإعجاب وأن تكون ذات منفعة. المقالة هذه المرة عن تقنية وطريقة بسيطة وسهلة لزيادة حدة الصورة. بالرغم من وجود الأوامر الخاصة في برنامج الفوتوشوب (وما شابهه) لزيادة الحدة، بل ووجود الإضافات الخاصة (من شركات أخرى) للفوتوشوب للقيام بهذا الأمر باحترافية، إلا أنه سيكون من المفيد التحدث عن هذه الطريقة لما لها من فوائد جانبية كما سنرى.

الطريقة

تعتمد هذه الطريقة على تأثير أحد المؤثرات الموجودة في برنامج الفوتوشوب بشكل أساسي، ولكن يمكن تغيير الكثير في الهيئة العامة للصورة كما سنبين لاحقا. هذا المؤثر هو «تمرير العالي» أو من الممكن تعريب الاسم إلى «تمرير التردد العالي» (High Pass)، ويمكن الوصول إليه عن طريق القوائم: Filter>Other>High Pass... .
لو كان عزيزي القارئ من متابعي المقالات السابقة في هذه المدونة، وخصوصا تلك المعنية بالدروس البسيطة لتحسين الصور ببرنامج الفوتوشوب، لعله سيدرك بعض الاستخدامات لمرشح أو مؤثر «الغشاوة الغاوسية» (Gaussian Blur)، وهو من المؤثرات التي تقوم بإضافة بعض النعومة على الأطراف (أو بلغة الألوان والدرجات اللونية: تقوم بتدريج الفارق بين المناطق المختلفة الإضاءة فتتكون صورة ناعمة المظهر). في عملنا هذا، سنقوم بالعكس تماما، حيث أننا سوف نعمل على تركيز الحواف والحدود في الصورة وإهمال الفوارق، وهذا هو فعلا ما يفعله مؤثر «تمرير العالي» (High Pass)، ويقصد بـ«العالي» هنا هو الفرق بين درجات الألوان والإضاءات. بعبارة أخرى، سنعمل على إظهار الفروقات بين درجات الألوان أكثر وهذا ما سيجعل الصورة أكثر حدة.
نصل الآن إلى تبيان طريقة العمل:

1. نفتح الصورة في برنامج الفوتوشوب، ونقوم بعمل نسخة مباشرة بالضغط على زري تحكم+J. سوف أقوم بالعمل هنا دون اللجوء إلى عمل نسخة احتياطية إضافية، وللقارئ حرية العمل في هذه الخطوة طبعا.

الصورة ونافذة الطبقات كما هو مبين. المؤشر الأزرق يدل على الطبقة المستنسخة.
أنقر للتكبير


2. يكون المؤشر الآن على النسخة الحديثة (وإن لم تكن كذلك فيجب النقر عليها) ونقوم الآن بإزالة ألوانها (أي إحالتها إلى الأبيض والأسود). نقوم بهذا الأمر بسرعة بالضغط على تحكم+عالي+U دفعة واحدة. ستتكون لدينا الآن صورة بالأبيض والأسود.

الصورة بعد إحالتها إلى الأبيض والأسود.
أنقر للتكبير


3. نقوم الآن بتغيير «المزج» (Blend) لطبقة الأبيض والأسود إلى «غطاء» (Overlay). سوف نلاحظ تغيرا ملحوظا في ألوان الصورة حيث تم مزج الطبقتين.

تغيير المزج إلى «غطاء» من قائمة المزج في نافذة الطبقات والمشار إليها. نلاحظ عودة الألوان مرة أخرى مع تغير في التباين.
أنقر للتكبير


4. يأتي الآن دور مؤثر «تمرير العالي» (High Pass) ويمكن الوصول إليه بالقوائم: Filter>Others>High Pass…؛ ستظهر مسطرة تحكم واحدة ومهمتها تغيير «نصف القطر» (Radius)، وهو مصطلح يطلق على دائرة مدى التأثير لهذا المؤثر حول الحواف المعنية في الصورة. يفضل دائما الحفاظ على قيمة صغيرة لهذا المتغير وملاحظة الصورة أثناء العمل على هذا التغيير لتجنب الهالات حول الحواف والحدود في الصورة، ولكن لا يخلو الأمر من الإفادة كذلك مع استخدام قيمة كبيرة لنصف القطر. سوف أحاول تبيان هذا الأمر مع الأمثلة لاحقا.

الوصول إلى أمر «تمرير العالي» في القوائم.
أنقر للتكبير
 
نافذة المؤثر وقد تم ضبط «نصف القطر» بدرجة 2 عنصور (بكسل Pixel).
أنقر للتكبير
تقريب لجزء من الصورة قبل وبعد التأثير. لاحظ حدة الخطوط على القطرات وحواف القطرات ذاتها.
أنقر للتكبير

عند هذا الحد، ينتهي فعليا العمل بالمؤثر ويمكن الوقوف على هذه النتائج عند هذا الحد. ولكن هناك بعض الأمور الأخرى التي من الممكن إضافتها أو تغيير طريقة عملها كما سنرى.

خيارات أخرى

هناك بعض الخطوات الإضافية والتي لم أشأ ذكرها مع الخطوات السابقة حيث أنها ليست ضرورية ولكنني أشجع القار العزيز على تجربتها وملاحظتها، وذلك لأن موضوع الحدة (والهالات) في الصورة يخضع أحيانا للذوق الشخصي. سنرى الآن بعض الخطوات التي يمكن القيام بها فيما بين الخطوات الأساسية:

أ. في الخطوة الثانية وبعد التحويل إلى الأبيض والأسود، يمكن زيادة تباين الدرجات مباشرة بالضغط على تحكم+عالي+L، وهي طريقة آلية لإعادة توزيع درجات الألوان على المخطط الضوئي (Histogram). يعتمد الأمر بالطبع على طبيعة الدرجات والألوان في الصورة، فقد تكون الزيادة طفيفة أو حادة. بعد إتمام الخطوات المذكورة سابقا سنلاحظ بأن تأثير المؤثر سيبدو جليا أكثر من ذي قبل عند نفس قيمة نصف القطر.

 
تقريب لمقطع من الصورة مع عمل المؤثر بنصف قطر يساوي 4 (1)، ومع عمل نفس المؤثر بذات نصف القطر ولكن مع زيادة التباين بطريقة آلية (2). قد يبدو الفرق غير واضح ولكن مع التدقيق على أسطح القطرات، سنلاحظ بأن الخدوش على السطح اكثر حدة في (2) منها في (1).
أنقر للتكبير

ب. في الخطوة الثالثة يمكن تغيير المزج إلى «إضاءة ناعمة» (Soft Light) أو «إضاءة شديدة» (Hard Light)، وليس بالضرورة إلى «غطاء» (Overlay). وقد يفضل اختبار هذا التغيير في المزج بعد إتمام العمل للنظر في أفضلية طريقة ما عن الأخرى. تتدرج الحدة الظاهرية نظريا مع تغيير المزج بالتسلسل الآتي (من الأخف إلى الأشد): إضاءة ناعمة، غطاء، إضاءة شديدة. أي عند نفس نصف القطر المستخدم في المؤثر، سنرى بأن الحدة المضافة إلى الصورة تكون خفيفة مع مزج «إضاءة ناعمة» وعلى أشدها مع مزج «إضاءة شديدة».

مقارنة بين الأمزجة المختلفة: (1) إضاءة ناعمة، (2) غطاء، (3) إضاءة شديدة.
تم عمل المؤثر بنصف قطر 5 عنصور (بكسل) وتم تغيير المزج فقط.
أنقر للتكبير

جـ. بعد إتمام الخطوة الرابعة والأخيرة، يمكن تطبيق القليل من «الغشاوة الغاوسية» (Gaussian Blur) بعد تطبيق المؤثر على ذات الطبقة، وهذا لتخفيف توهج بعض الحدود والحواف في الصورة إذا ما كان ذلك مطلوبا، على أن تطبيق الغشاوة يجب ألّا يكون كبيرا حتى لا ينتهي الأمر باختفاء الحدة تماما. يمكن الوصول إلى التأثير عن طريق القوائم: Filter>Blur>Gaussian Blur…؛ ويمكن كذلك تطبيق مؤثرات أخرى كالغشاوة السطحية (Surface Blur) والتي تعمل على إغشاء المناطق المحيطة بالحدود والحواف مع الحفاظ (قدر المستطاع) على حدة هذه الحواف، وهذه طريقة مفيدة للتخلص من بعض الضوضاء الرقمية التي قد تزيد حدتها كذلك مع زيادة الحدة للصورة بشكل عام. يعتمد الأمر على طبيعة الصورة ونوع الضوضاء الرقمية فيها، فقد يكون تأثير الغشاوة السطحية ناجعا لحل هذه المشكلة وقد لا يؤثر إلا بالشيء اليسير.

د. يمكن مضاعفة التأثير مباشرة بتكرار الطبقة العليا (التي طبقنا التأثير عليها)، وذلك باختيار الطبقة والضغط على تحكم+J لعمل نسخة أخرى أو أكثر كما يراه الفنان مناسبا. هذه الطريقة ستزيد من توهج بعض الحدود والحواف وقد تظهر بعض الهالات كذلك.

في الأعلى: تطبيق المؤثر بنصف قطر 2 عنصور (بكسل).
في الأسفل: استنساخ طبقة المؤثر لخمس مرات وأثرها على الصورة.
يبدو الاختلاف واضحا في مستوى الحدة.
أنقر للتكبير

نصف القطر

أحببت أن أضيف فقرة خاصة عن هذا الموضوع بعيدا عن النقاط السابقة لأن الحديث عن هذا المتغير قد يطول بعض الشيء وأيضا لكونه خطوة أساسية وليست اختيارية، ولكن العمل بها قد يختلف باختلاف الأغراض والمطلوب.
كما حددنا سابقا، فإن قيمة «نصف القطر» يجب أن تكون بالمقدار الكافي لإبراز الحواف والحدود في الصورة وعدم حدوث الهالات حول هذه الحدود. ولكن على أية حال، قد يتحسن الشكل العام عند حدوث هذه الهالات بالذات، ولعل من أبرز هذه التحسينات هو تفتيح مناطق الظلال وإظهار التفاصيل فيها بشكل أفضل. هناك بعض المؤثرات الخاصة والتي تتطلب حدوث الهالات بالفعل ولكن لا داعي للخوض فيها الآن حيث أنها مؤثرات قد يتطلب الحديث عنها وتبيان طريقتها مقالة خاصة بها، ولكن لا بأس من معاينة بعض هذه التأثيرات.

في هذا المشهد المستعرض من سلطنة عمان، ومن جامع السلطان قابوس تحديدا، نرى تأثير التمرير العالي على درجات الإضاءة والألوان والحدة كذلك بشكل عام ابتداءً من الصفر (أي الصورة الأصلية من دون تعديلات) وحتى نصف قطر مساويا 100 عنصور. نلاحظ التغير بالسواطع والظلال. فمثلا، المنطقة المتوهجة البيضاء في منتصف الصورة قد طمرت تقريبا بشكل تام، وأما الظلال على الحوائط الجانبية فإنها تصبح أسطع قليلا. هذا بجانب التغيرات في الحدة طبعا. يمكن القول بأن تغيير نصف القطر إلى أرقام عالية (الحد الأقصى هو 250) يمكنه العمل على إعادة توزيع الإضاءات وتقريبها من بعضها البعض قليلا مما يبعث على التوازن وتقليل التباين في درجات الألوان بشكل ما.
أنقر للتكبير

صورة للعملاق الراحل محمود عبدالعزيز (المصدر)
يمين: الصورة الأصلية.
يسار: تأثير باستخدام «تمرير العالي» يساعد على زيادة قوة التجاعيد والإضاءة للإيحاء بالدراماتيكية. تم استخدام المؤثر أكثر من مرة وبنصف قطر يقارب 10 عنصور (بكسل) مع تغييرات في المزج ودمج الطبقات بترتيب معين.
أنقر للتكبير.
ملاحظة: الصورة ليست من تصويري طبعا.

الخاتمة

هذه إحدى الطرق البسيطة لزيادة حدة الصورة ولها بعض الاستخدامات الأخرى كما وضحنا آنفا. بالرغم من وجود التأثيرات الخاصة بزيادة الحدة في برنامج الفوتوشوب إلا أن هذه الطريقة تتميز بفتح باب الإبداع قليلا خلف هذه العملية البسيطة. هناك بعض الإضافات الخاصة لزيادة حدة الصورة من مثل (NIK) و(NoiseNinja) والتي تتخللها بعض الخيارات والوظائف الأكثر دقة والمتعمقة أكثر من خيارات الفوتوشوب نفسه، ولكن الحديث عنها سيطول في هذا المقام. لم أتطرق كذلك في هذه المقالة إلى إمكانية تحديد مناطق الزيادة في الحدة عن طريق إضافة قناع الطبقة (Layer Mask) والعمل على إخفاء الأجزاء التي لا يرغب بزيادة الحدة لها؛ فأنا أترك الخيار هنا لعزيزي القارئ للبحث (وهو أمر بسيط للمبتدئين). هذا وحتى نلتقي في مقالة أخرة إن شاء الله…


Stock Photos from 123RF Stock Images

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق