الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

اوغترارد…

سأتطرق للحديث في هذه المقالة عن بلدة اوغترارد (Oughterard)؛ البلدة الرئيسية في رحلتي وإن كنت في الحقيقة قد مكثت في منزل خارج البلدة نفسها. أصل التسمية يرجع إلى اللغة الإيرلندية (الغيلية) وهي «واختر آرد» (Uachtar Ard)، وتعني الأرض أو القمة المرتفعة. لقد كان هذا واضحا في المسير إلى البلدة من محل السكن!
تستغرق الرحلة مشيا على الأقدام من محل السكن (الووترفرونت) إلى مركز البلدة ما يقارب الساعتين ذهابا وإيابا بمسافة كلية تقارب أو تزيد عن 8كم قليلا. عند المسير إليها يمر الماشي من خلال الغابة وكذلك على ملعب الغولف قبل الخروج إلى الشارع الرئيسي المؤدي إلى مدينة غالواي من ناحية، وإلى مركز البلدة من ناحية أخرى (وهو طريق رقم N59).

طريق السير إلى البلدة (الخط الأحمر) مع الشارع الرئيسي (ن59 N59) مرورا بملعب الغولف. يتجه الطريق جنوبا إلى مدينة غالواي.
أنقر للتكبير


عند الخروج إلى هذا الشارع الرئيسي يكون المشي خطراً بعض الشيء في بعض الأماكن حيث لا يكاد أن يكون هناك أي مسافة للماشي على جنب الطريق. أحيانا كان علي التوقف لوهلة حتى تعبر بعض السيارات المارة واستطيع إكمال الطريق بعدها. جدير بالذكر (ولو كان أمرا معروفا وشائعا) بأن المرور في إيرلندا كما هو الحال في المملكة المتحدة، حيث أن عجلة القيادة تكون في الجهة اليمنى، وعلى السيارات أن تسير في الحارة اليسرى (في حالة الطريق ذو الاتجاهين)، لذلك فإنه ينصح دائما بالمشي في الجهة اليمنى من الطريق (بالنسبة للماشي) حتى يكون الماشي مواجها للسيارات القادمة في اتجاهه؛ بهذه الطريقة يمكن للسائر التنحي قليلا أو التوقف عند لمح أي سيارة قادمة.

تقريبا عند بداية المخرج إلى الشارع العام ن59. لاحظ الخطوط الصفراء المتقطعة على اليمين واليسار من الطريق والتي تشير إلى حدود الطريق ويجب على الماشي المشي خلف تلك الخطوط.


للأمور الضرورية كنت أذهب بمساعدة سيارة أجرة، ولكن طريقتي المفضلة تكون المشي إذا كنت أريد الاستمتاع بجمال الطبيعة والجو العليل، علاوة على التصوير. على أن التصوير في هذا الممشى الطويل لم يكن كما هو الحال قبل 5 سنوات، ولعل ذلك راجع إلى التدقيق أكثر في المحتوى؛ حيث أن الرحلة الأولى قبل 5 سنوات كانت أول رحلة لي إلى إيرلندا على الإطلاق ولربما كنت التقط الكثير من الصور للتوثيق في المقام الأول، وأما الآن فالحال مختلف لأنني كنت بصدد «التصوير» - ولكن هذا لم يمنع من التوثيق قليلا!

أحد المنازل الصغيرة على طريق ن59، وهناك الكثير منها. يقال بأن أغلبها مهجور الآن وقد تحول بعضها إلى متاحف مصغرة أو مراكز حرفية.


أما مركز البلدة فكان مكانا حيويا ونشطا بعكس الريف الذي يبعد ما يقارب 5 دقائق فقط (بالسيارة). حتى أن الشارع المار بوسط البلدة كان يكتظ بالسيارات أحيانا (والشاحنات على وجه الخصوص). في إيرلندا، كما هو الحال في البلدان المتقدمة، يكفي أن يضع المشاة أقدامهم على خطوط السير المخصصة للعبور لتقف السيارات. قد كان الأمر محرجا بعض الشيء عندما توقفت بعض السيارات لي لكي أعبر مع عدم نيتي للعبور!

Bóthar na Grian (شارع الشمس)
تعاني هذه الصورة الكثير من المشاكل طبعا ولكنها لغرض التوثيق فقط. استخدمت النطاق العالي للتحكم بشكل قرص الشمس والإضاءة المحيطة في المكان.


مركز البلدة، بالطبع، هو مركز الأسواق والمحلات المتنوعة خاصة. وُجهتي إلى هناك كانت لغرضين أساسيين: شراء المستلزمات (غالبا الأطعمة السريعة)، والهدايا. الهدايا بالأخص كانت من المحل التي ترددت عليه قبل 5 سنوات أيضا: حانوت «جون كيوغ» (John Keogh) للهدايا الإيرلندية التقليدية. كان محلا ضيقا من الداخل وكان السائحون يزحمون المكان، ومع حقيبتي التي كانت على ظهري لم يكن التحرك في الداخل بالشيء السهل. بسبب كثرة الهدايا، أمطرني صاحب المحل بالشكر والثناء!

حانوت جون كيوغ من الخارج.

الحانوت من الداخل. يلاحظ أقصى اليمين قريبا من الكاميرا صليب بريجيت، وهو صليب يعود تاريخه إلى ما قبل دخول المسيحية إلى الأراضي الإيرلندية ولكنه صبغ بطابع مسيحي في وقت لاحق وسمي بصليب القديسة بريجيت. بحسب الأساطير الإيرلندية الموغلة في القدم فإن هذا الصليب (ويصنع عادة من أعشاب الأسل) يقي من الحرائق، ولهذا مازالت بعض العائلات الإيرلندية تحتفظ به في المطبخ خصوصا.


‌Talamh na Neamh (أرض السماء)
مشهد مستعرض «طولي»
من طريق العودة إلى السكن.
بسبب ارتفاع البلدة النسبي، فإن طريق العودة منها قد يبدو أقصر للماشي، وذلك بسبب الجاذبية التي تساعد الماشي في هذه الحالة بعكس الحالة الأولى أثناء الذهاب إلى البلدة؛ كما هو الحال عند الصعود والنزول من الدرج. بالرغم من أن الطريق هو ذاته، ولكن المناظر والاستلهام قد يختلف ما بين الوجهتين، ولعل ذلك متعلق بشكل كبير بالمنطقة التي يمضي فيها السائر وطريقة النظر إلى الطريق. لقد التقطت الكثير من الصور والتي ينتمي جُلّها إلى صنف التجريد ولعل العمل على هذه الصور سيستغرق وقتا؛ ليس لصعوبة العمل بها، ولكن للتفكير في منطقها. على أن ذلك لم يمنع من القيام ببعض مشاهدٍ مستعرضة من نوع خاص في تلك الطرق الخضراء!
Glóire Chasta (مجد معقد)
لم ألحظ هذه الزاوية للرؤية إلى في طريق عودتي إلى السكن بالرغم من مروري بهذه الشجرة أثناء ذهابي أيضا.


 
الخاتمة

هذه لمحة سريعة عن بلدة اوغترارد ولو لم أكن لألتقط الكثير من الصور من هذه البلدة؛ فتصوير الشارع ليس من هواياتي المفضلة. لقد كان مكانا نشطا وإن كانت البلدة صغيرة نسبيا، ولكن لم يتسنّ لي الذهاب أبعد من تلك الأماكن التي ذكرت آنفا (بالإضافة إلى جهاز السحب الآلي!). أرجو أن تكون هذه اللمحة ممتعة ومفيدة بعض الشيء بالرغم من رتابتها بعض الشيء. هذا، وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء الله…

Uaigneach agus ag Fanacht (وحيد وينتظر)
تجريد على الطريق المتخلل للغابة الذاهب إلى البلدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق