الأحد، 24 أغسطس 2014

نظام اللاب (LAB)…

سوف أحاول في هذه المقالة إعطاء درس آخر عن طريق برنامج الفوتوشوب (ولعل برامج التعديل الأخرى لن تكون مختلفة كثيرا). هذا الدرس يتعلق بمحاولة تحسين الصورة عن طريق استخدام نظام الـ «لاب»، والذي سنأتي على شرحه في السطور القادمة. تحسين الصورة بهذا النظام قد يساعد المصور على التغلب على بعض الأمور الخارجة عن السيطرة مثل بهتان الألوان لسوء الأحوال الجوية، هذا على سبيل المثال – وقد يتعدى الأمر ذلك. فما هو إذن نظام اللاب؟

النظام

هذا النظام (وأحيانا يعتبر فضاءً للألوان) هو أحد أنظمة الألوان المتوفرة لترجمة الألوان من وسط إلى آخر، كنظام الـ «ح.خ.ز.» (RGB) مثلا، والذي يعتمد على وصف الألوان عن طريق دمج الأحمر والأخضر والأزرق. وهناك أيضا نظام «س.ق.ص.د.» (CMYK) والذي يصف الألوان عن طريق دمج السماوي والقرمزي والأصفر والأسود. لكن هذا النظام يختلف بمكوناته، والحقيقة أنه لا يعتمد على دمج ألوان معينة، بل على خوارزميات محددة لنقل الألوان من وسط لآخر. على أية حال لا داعي للتوغل في عالم الرياضيات والنظريات.
لغويا، فإن نظام اللاب (LAB) هو اختصار لـ (Lightness, Channel A, Channel B)، أي (إضاءة، قناة أ، قناة ب). كنت قد فكرت في تعريب المصطلح إلى (إ.أ.ب.) ولكن كتابة «لاب» تبدو يسيرة نسبيا مقارنة بهذا الاختصار. ولهذا فإنني سأتابع استخدام هذا المصطلح.
كما نرى، فإن هذا النظام يعتمد على: الإضاءة، وقناة أ، وقناة ب. أما الإضاءة فإن قيمها الفرضية تتراوح بين الصفر و100؛ بحيث يكون الصفر للأسود، و100 للأبيض. أما قناة أ فإنها تعبر عن مجموعة من الألوان (وليس لون واحد كما هو الحال في الأنظمة الأخرى) ويتغير مضمون هذا المدى بتغير قيمة الإضاءة؛ وهذا هو الحال أيضا بالنسبة إلى قناة ب. ولكن يمكن تقريب المسألة (نظريا) بأن نقول بأن القناة (أ) تعبر عن الألوان من طيف اللون الأخضر إلى القرمزي، وتعبر قناة (ب) عن الألوان من طيف اللون الأزرق إلى الأصفر (وكل زوج من هذه المجاميع يتقابل على دائرة الألوان). يتراوح مدى كل قناة من هذه ما بين «-128» إلى «127»؛ وكما نرى فإن الإشارة السالبة لا تستخدم في بقية أنظمة الألوان ولكنها تستخدم هنا للدلالة على إحداثيات اللون – يمكنك تخيل هذه المتغيرات الثلاثة على أنها واقعة في فضاء بإحداثيات ديكارتية ثلاثية الأبعاد، حيث يتم وصف كل نقطة بالنسبة إلى (س، ص، ع) من الإحداثيات.
لن نستخدم هذه المعلومات الآن وخصوصا في هذا الدرس البسيط نسبيا ولكن من المفيد أن يكون لدينا معرفة بسيطة بكيفية تكوّن الأشياء – والحقيقة أن لهذا النظام فائدة أخرى في المساعدة على توازن الألوان ولكن لربما ألحقتها في مقالة أخرى.
 
العمل

سوف نحاول الآن تحسين صورة ما وجعلها أكثر جاذبية عن طريق استخدام نظام اللاب. يمكن استخدام هذا النظام مع أية صورة تقريبا، ولكن شخصيا أفضل العمل بصور 16-بت حتى يكون المجال متسعا لأكبر قدر ممكن من المعلومات المتعلقة في الألوان. أما الصور الملتقطة أو المحفوظة بسعة 8-بت فإنها قد تستفيد من هذه الطريقة كونها الملاذ الأخير لإنقاذ الصورة (خصوصا تلك الملتقطة بالأجهزة المحمولة). يفضل كذلك أن يكون فضاء الألوان كبيرا (مثل بروفوتو أو أدوبي 1998) ولكنها ليست قاعدة، ويمكن إتمام العمل في الفضاء المبدئي (sRGB) لانتاج صور جذابة من هذا الفضاء الصغير. لهذا السبب سوف أشرح العمل هنا على صورة بسيطة بسعة 8-بت، وبالفضاء المبدئي (لمقالة منفردة عن فضاءات الألوان يمكن قراءة هذا المقال السابق)؛ هذا فقط لإظهار كيف أن هذه الطريقة تساعد على تحسين الصور حتى لو كانت محدودة ببياناتها الرقمية.

1. نفتح الصورة في برنامج الفوتوشوب، ونقوم بعمل طبقة* أخرى من الصورة (تحكم + J، أو Ctrl+J)**. فيكون لدينا طبقتان، الأصلية، ونسخة فوقها. بهذه الطريقة سوف نقوم بالعمل على النسخة دون الطبقة الأصلية، وهي طريقة شائعة حتى إذا ما حدث أي خطأ فيمكن العودة إلى الأصلية دائما (أو للمقارنة لاحقا مثلا، وهناك فوائد أخرى). للتأكد فقط، نلاحظ بأن الصورة بسعة 8-بت، وبالفضاء المبدئي.

الصورة التي سيجري العمل عليها مع عرض لنافذة الطبقات.

المنطقة السفلى من مساحة العمل في الفوتوشوب توضح سعة وفضاء الألوان.


2. نقوم الآن بالتحويل إلى نظام اللاب عن طريق القوائم: Image > Mode > Lab color. عند التحويل ستظهر رسالة تسأل المستخدم إذا كان يود التسطيح، أي دمج الطبقات كلها في طبقة واحدة. بالطبع الإجابة تكون «لا».

التحويل إلى نظام اللاب.

سؤال التسطيح، والاجابة تكون بالنفي.


3. نعاين نافذة القنوات والتي تكون في العادة ملاصقة لنافذة الطبقات. إن لم تكن هذه النافذة موجودة فيمكن إدراجها من القوائم: Windows > Channels. يجب التأكد بأننا نعاين القنوات لطبقة النسخة وليس الأصل (أي ببساطة شديدة نختار أو نظلل طبقة النسخة ثم ننظر في نافذة القنوات). نلاحظ القنوات بأنها بالترتيب التالي: Lab, Lightness, a, b. ستكون جميعها مظللة، ولكن ليس طويلا.

نافذة القنوات.

إظهار نافذة القنوات من القوائم.


4. نقوم باختيار قناة (أ)، وهنا ستظهر الصورة بشكل رمادي؛ ثم نضغط على خانة العين بجانب القناة الرئيسية (Lab)؛ حيث تكون العين قد اختفت بعد الضغط على القناة (أ)، وهنا ستظهر الصورة كما كانت. بهذه الطريقة يمكننا العمل على تغيير القناة (أ) مع النظر إلى هذه التغييرات مباشرة في الصورة.

(1) اختيار القناة «أ» أولا، ثم (2) ضغط زر العين لإظهار الصورة كما هي.


5. نقوم باستدعاء أمر مستويات (Levels) عن طريق تحكم+L (أو Ctrl+L). سيظهر لنا المخطط الضوئي للقناة (أ) فنقوم بجذب سهام المستوى الأبيض والأسود أقرب إلى المركز، وأيضا يمكن التحكم بالمستوى الرمادي (يدعى أحيانا بـ «غاما»). لا يوجد قاعدة عامة هنا للمقدار المطلوب، ولكن على المستخدم أن ينظر بعينيه والتأكد من ضبط الألوان. في بعض الأحيان قد تترك هذه العملية صبغة ما في اللون الأسود أو الأبيض ولهذا على المستخدم توخي الحذر (وإن كان يمكن إصلاح الأمر لاحقا). بعد الانتهاء نقوم بالموافقة والخروج من نافذة المستويات.

نافذة المستويات للقناة (أ). تشير السهام إلى التعديلات في مستويات الأبيض والأسود والرمادي. يمكنك مقارنة الصورة بما قبلها لملاحظة التغير في الألوان.
أنقر للتكبير.


6. نقوم باختيار القناة (ب) واستدعاء أمر المستويات كما سبق، والعمل بالمثل كما في الخطوة السابقة. بهذه الخطوة نكون انتهينا تقريبا.

7. تبقى القناة الأخيرة، وهي قناة الإضاءة (Lightness). هذه القناة مفيدة لزيادة التباين في الإضاءة ويمكن أيضا زيادة حدة الصورة (عن طريق استخدام أدوات الفوتوشوب نفسه أو غيرها من الإضافات). لزيادة التباين فإن أسرع عملية يمكنك القيام بها هو استدعاء أمر «المنحنى» (Curves) عن طريق ضغط زري تحكم+M (أو Ctrl+M). لزيادة التباين يجب تشكيل المنحنى على شكل حرف (S)، وكلما كان الانحناء قويا، كان التباين شديدا، ولذلك ينصح بالزيادة الطفيفة فقط ليكون التباين في حدود المعقول. عند إتمام هذه الخطوة نكون قد انتهينا تماما.

زيادة التباين عن طريق منحنى الإضاءة لقناة الإضاءة (Lightness) وقد تم تشكيله على شكل (S) خفيف.

لزيادة الحدة يمكن استخدام أوامر زيادة الحدة المتوفرة في برنامج الفوتوشوب وتطبيقها على قناة الإضاءة. آخر أمرين هما الأكثر شيوعا (أي Smart Sharpen وUnsharp Mask)، وفيهما العديد من الخيارات للضبط. سأستخدم أمر الحدة الذكية (Smart Sharpen) هنا.


8. نُرجع الصورة إلى نظام ح.خ.ز. (RGB) عن طريق القوائم: Image > Mode > RGB color. وبالطبع عند السؤال عن التسطيح مرة أخرى فالإجابة هي النفي. يمكنكم الآن المقارنة بين الصورتين، المعدلة والأصلية (عن طريق ضغط زر العين بجانب الطبقة). قد يكون هناك، بسبب هذه الطريقة، بعض الأصباغ الغير مرغوبة (تلون سطح أبيض ببعض الزرقة مثلا)، وهذه يمكن معالجتها بعد إتمام العمل هنا ولكن لا يسع المجال لشرحها. ولكنني أشجع القارئ العزيز على استكشاف الإمكانات. كبداية، يمكن معالجة هذه المشكلة عن طريق أمر «صبغة/تشبع» (Hue/Saturation).

العودة إلى نظام ح.خ.ز. من القوائم.

مقارنة لنفس الصورة قبل التعديل (يسار) وبعد التعديل (يمين).
أنقر للتكبير.


قد يتساءل البعض لماذا علينا الرجوع إلى نظام ح.خ.ز. طالما أتممنا العمل في نظام اللاب؛ والجواب هو: لا يمكننا حفظ الصورة بصيغة ج.ب.ج. عندما تكون الصورة بنظام اللاب، وصيغة ج.ب.ج. هي صيغة شائعة لتداول الصور، ولهذا فمن الضروري التحويل إلى نظام ألوان ح.خ.ز. وثم الحفظ (أو إجراء تعديلات أخرى ثم الحفظ).

* إذا كانت نافذة الطبقات غير موجودة، فيمكن استدعاؤها بالضغط على مفتاح (F7)، أو عن طريق القوائم: Windows > Layers.
** يوجد هذا الأمر بالقوائم: Layer > Duplicate Layer.

الخاتمة

هذه هي إحدى الطرق المستخدمة في تحسين وتعديل بعض الصور والتي أرجو أن لا تكون معقدة كثيرا. مع تكرار العمل بها سيلاحظ المستخدم بأنها أصبحت كالبديهة ويمكن الإتيان بها من دون الرجوع إلى هذه التعليمات والخطوات، بل ويمكن للمستخدم المتمكن أن يضيف خطوات أخرى، كتعديل التباين (Contrast) في قناتي (أ) و (ب) وهو ما لم أذكره هنا.
إن التحويل من وإلى نظامي ح.خ.ز. واللاب قد يُـفقد الصورة بعض البيانات الرقمية، ولكن المحصلة النهائية هنا هي ما يهم المستخدم على الأرجح وهي: زيادة رونق الصورة. لذلك قد ينصح البعض بعدم استخدام هذه الطريقة إلا في الحالات المستعصية وكملاذ أخير. أنا شخصيا، لا أمانع باستخدامها على أية حال إذا كانت الملاذ الأخير لإبراز معالم الصورة وزيادة حيويتها من دون النظر إلى البيانات الرقمية التي قد تُـفقد. أتمنى أن تكون هذه المقالة مفيدة لكم، وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء الله…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق