الأحد، 17 أغسطس 2014

الصور الإزاحية ثلاثية الأبعاد…

تحذير: قد يسبب النظر المطول في بعض الصور التالية في هذه المقالة بعض الصداع أو بعض الإحساس بالإعياء في العينين لدى بعض المشاهدين، لذا يُنصح دائما بعدم إطالة النظر لمدة طويلة.

سأحاول في هذه المقالة إعطاء درس صغير فيما يتعلق بالصور (الإزاحية) الثلاثية الأبعاد أو ما يدعى بالانجليزية (Anaglyph). ولكن قبل هذا الدرس علينا التحدث قليلا عن طبيعة هذه الصور ولماذا أخترت أنا شخصيا تعريب هذه الكلمة بهذا الشكل.
في الحقيقة أن الصور الثلاثية الأبعاد لها أنواع وهي قد تشمل الصور الثابتة والصور المتحركة كذلك. موضوعنا هنا يخص الصور الثابتة طبعا ولكن سنتطرق إلى الصور المتحركة على مضض. في كل الأحوال، تعتمد الصور الثلاثية الأبعاد على مبدأ أساسي، وهو خداع العقل. الاختلاف بين نوع وآخر هو نوع «الخدعة» المستخدمة، وكل هذه الخدع تعتمد على إيهام العقل بوجود أبعاد في الصورة الثنائية الأبعاد بشكل أو بآخر. لكن أولا دعونا نتدرج في الطرح لنرى كيف ابتدأ الأمر وكيف انتهى.

أنواع

اختلفت أنواع التجسيم منذ العصور القديمة، فقد حاول الفنانون بطريقة ما الإيحاء بأبعاد الأجسام للناظر. ثم تطور الأمر إلى ما هو عليه الآن مع التطور التقني في شتى مجالات الحياة. ولكن يبقى الرسم إحدى الأمور الأساسية في حياتنا اليومية.

أ. الرسم

كان الرسم أول خطوة في تمثيل الفكر البشري، حتى أن بعض أساليب الكتابة في وقتنا الحالي مستمدة من الرسم في المقام الأول (الصينية واليابانية). على أية حال، اعتاد الفنانون والحرفيون في الأزمنة القديمة على تمثيل الأشياء بسطحية، لعل أبرزها الرسومات المصرية القديمة والتي كانت تمثل الجسد البشري بأبعاده بشكل سطحي بحيث تظهر اليدان والرجلان من دون مراعاة اختلاف المنظور عند التفاف الجسم.
ابتدأ التغير الملموس في هذا الفن عندما ابتدأ فنانو عصر النهضة باستخدام منطق الضوء والظل للإيحاء بأبعاد الجسم – وقد كانت طفرة ملموسة إلى درجة أن بعض هذه الأعمال الفنية بالكاد يمكن التفريق بينها وبين الصور الضوئية. يقوم بعض الفنانين الآن بالقيام بالرسم في الشوارع (بالطباشير) على الأرض أو الحوائط باستخدام المنظور والضوء والظل حتى يهيأ للسائرين في الطريق أنهم بحق فوق جرف أو ما شابه ذلك!

درس التشريح - من روائع الرسام الهولندي رمبراندت. لاحظ كيفية تشكيل الضوء والظل في محاولة إعطاء الرسم العمق المطلوب وتقريبه قدر المستطاع إلى الناظر على أنه ثلاثي الأبعاد.
المصدر

ب. الصور المجسمة (Stereographs)

مع بدايات التصوير ظهرت هناك بعض التقنيات الخاصة للمساعدة على النظر إلى الأجسام بطريقة توحي بأبعادها وتكون كأنها بارزة للعين. سميت هذه التقنية بالتصوير المجسم (Stereoscopy)، وهي ببساطة عبارة عن صورتين للموضوع نفسه مع فارق بسيط بين الاثنتين نتيجة التقاط الصورتين بكاميرتين على اليمين واليسار مما يحدث اختلافا بالمنظور وهو ما يسمى بالـ «تزيّح» (وقد تكلمنا عن هذا المبدأ في المقالة السابقة عن المشاهد المستعرضة).

صورة مجسمة تعود لسنة 1901. لاحظ السيدة وهي تنظر كذلك من خلال منظار مخصص للصور المجسمة.
المصدر
 
منظار هولمز، وهو من المناظير المخصصة للصور المجسمة.
المصدر

هناك طرق مختلفة للنظر إلى هذه الصور، لعل أسهلها وأكثرها بدائية هو دمج الصورتين بالنظر عن طريق احولال العينين قليلا – ولعلها طريقة لا تنفع مع كل المشاهدين. على أية حال تم ابتكار المناظير الخاصة لهذه الصور والتي تُمكّن من فصل نظر العين اليمنى عن اليسرى وبالتالي يستطيع الدماغ ترجمة كل صورة على حدة ومن ثم دمجهما لتكوين صورة واحدة (كما هو الحال بالنظر الطبيعي إلى الأشياء).
استخدمت هذه الطريقة في العلوم كذلك لا سيما في المسح الجيولوجي الجوي للأرض حيث يتم تصوير التضاريس من الجو وعند تحميض الأفلام يتم وضع الصور بجانب بعضها البعض والنظر إليها بمناظير خاصة لهذا الغرض. تساعد هذه الطريقة الباحثين على تعيين الارتفاعات ودراسة التضاريس بشكل أكثر دقة من الخرائط الاعتيادية.
ارتبط اسم الصور المجسمة في مرحلة لاحقة مع التطور التقني بنوع آخر من الصور يسمى بالـ «مجسم بصورة أحادية» (Autostereogram, Single-Image Stereogram, SIS)، وهو نوع من الخداع البصري حيث يتم فيه إخفاء صورة مجسمة بسيطة (تم تكوينها عن طريق برامج التصميم الصوري) بصورة أخرى (غالبا ما تكون على شكل ضوضاء عشوائية)، وللنظر إليها يجب احولال العينين قليلا أو بمساعدة تقنيات أخرى؛ إلا أن هذا النوع من الصور هو للترفيه في الغالب ولا يوجد منه فائدة كبيرة تذكر، ولا يمكن إضفاء التفاصيل عليه، ولا يمت إلى أرض الواقع بصلة. يمكن اعتباره أداة للهو فقط، بالإضافة إلى صعوبة النظر لبعض المشاهدين كذلك.

صورة تجسيدية أحادية، يفترض إنها لحصان واقف على قدميه.
لقد نجحت أنا في النظر إليه، فهل يمكنك ذلك؟ يتطلب الأمر احولال العينين قليلا والتمعن في الصورة.
المصدر

مع تطور الحاسوب تم تطوير طريقة تسمى «التجسيد الاهتزازي» (Wiggle Stereogram)، وهي طريقة تستخدم صورتين بطريقة التزيح، ولكن بدلا من وضعهما جنبا إلى جنب والنظر مع احولال العينين أو بمناظير خاصة، فإن الحاسوب هنا يستبدل الصورتين مع بعضهما البعض بسرعة، فتبدو الصورة كأنها تهتز (وتستخدم صيغة GIF عادة لهذه الصور). لم تلق هذه الفكرة رواجا على أية حال مع سهولة النظر إليها من غير مساعدة وذلك لأنها لا تعطي انطباعا قويا بثلاثية الأبعاد.

صورة تجسيدية اهتزازية لأحد طرق مدينة كورك الايرلندية (1927).
المصدر
 

ج. التصميم الصوري (Graphic Design)

وهو نوع معروف من التصاميم واشتـُهر في ألعاب الحاسوب والأفلام الكرتونية. كما هو الحال مع الرسم، فإن التصميم الصوري يستعمل نوعا من الإيحاء عن طريق الضوء والظل والمنظور لتجسيد الصور ذوات البعد الثنائي بطريقة ثلاثية الأبعاد. على أية حال، فهو كذلك يُستخدم مع التقنيات الأخرى للصور الثلاثية الأبعاد.

د. الصور الإزاحية (Anaglyph)

هذا النوع من الصور هو ما نحن بصدد التحدث عنه في هذه المقالة والتحدث عن كيفية صنعها عن طريق الفوتوشوب أو البرامج الأخرى، وذلك لبساطتها النسبية. يعتمد هذا النوع من الصور الثلاثية الأبعاد على مبدأ التزيح كسابقه ولكن بدلا من وضع الصورتين بجانب بعضهما البعض والنظر، فإن الصورتان توضعان فوق بعضهما البعض بتطابق جزئي. وكما هو الحال في الأنواع الأخرى للصور الثلاثية الأبعاد فإن العمل بعد ذلك يكون بخداع الدماغ وفرض الرؤية المنفصلة لكل عين على حدة، وهو ما يتم هنا عن طريق صبغ كل صورة من الاثنتين بلون معين (وسنشرح لاحقا كيف يتم العمل). للنظر إلى الصورة يحتاج المشاهد إلى نظارة ملونة خاصة (في الوقت الحالي تكون غالبا باللونين الأحمر والسماوي)، وبهذه الطريقة فإن كل عين ترى من خلال المرشح الملون إلى الصورة المخصصة لها فقط ويقوم الدماغ على دمج الصورتين لتتخذ هيئة بارزة أمام المشاهد. يُعاب على هذه الطريقة بأنها تُفقد المشاهد الإحساس بالألوان (ولهذا يفضل البعض استخدامها في صور الأسود والأبيض). ولكن تتميز بأنها مرنة، فيمكن طباعتها لمشاهدتها على الورق، أو مشاهدتها على الشاشة، ويمكن كذلك صنع الأفلام بهذه الطريقة، وهي كذلك غير مكلفة.

منظار (أو نظارة) الصور الإزاحية من نوع الأحمر-سماوي.
المصدر

هـ. التجسيد بالاستقطاب (3D Polarization)

تعتمد طريقة التجسيد بالاستقطاب على نفس مبدأ الصور الإزاحية، ولكن بدلا من استخدام المرشحات الملونة لفصل النظر لكل عين على حدة، فإن العمل يتم باستخدام المرشحات المستقطبة. ويتم ذلك عن طريق تسليط صورة للجسم أو للصورة بمِسْلاطَيْن يكون أحدهما مستقطب بشكل أفقي، والثاني بشكل عمودي. أما المشاهد، فعليه ارتداء النظارات المستقطبة والتي تتكون من مستقطب أفقي لعين واحدة، ومستقطب عمودي للعين الأخرى. بهذه الطريقة يمكن الفصل في عملية النظر بين العينين.
تتميز هذه الطريقة بأنها تحافظ على الألوان في الصورة (ولهذا يتم استخدامها في دور العرض) وتكاليفها منخفضة نسبيا. ولكن هذه الطريقة ليست مرنة؛ فهي تحتاج إلى استقطاب الضوء (أو الصورة) حتى يتم العمل، ولهذا فهي مناسبة للعرض على الشاشات فقط، ولا يمكن طباعتها. علاوة على ذلك، فإنه نتيجة للاستقطاب، قد تقل النقاوة الرقمية للصورة.

و. الغالق النشط (3D Active Shutter)

وهي طريقة إلكترونية بحتة تتعلق في المنظار المخصص لرؤية هذا النوع من الصور (أو الأفلام إن صح التعبير). يكون المنظار في هذه الطريقة إلكترونيا ومتكونا من شريحتين من البلور السائل (Liquid Crystal)، وتَسْوَد كل واحدة منهما عند مرور تيار كهربائي فيها. بهذه الطريقة تكون الشريحتان كمثل الغالق الذي يحجب الضوء عن العين اليمنى تارة، وعن العين اليسرى تارة أخرى. يفيد الحجب هنا بأن يسمح لعين واحدة بالنظر إلى الصورة المخصصة لها فقط (حيث تكون الصورة الكلية مدمجة من صورتين لكلا العينين)، وتكون سرعة التبديل بين عتمة الشريحتين سريع جدا بحيث أن المشاهد لا يلاحظ أي توقف أو عتمة في الصورة، على أن هذه المشكلة قد تحدث أحيانا ويلاحظ المشاهد كأن الصورة المتحركة أمامه متقطعة الحركة. بالطبع من أبرز عيوب هذه الطريقة أنها غير مطبوعة وتخص الصور المتحركة (الأفلام) فقط، كما أنها كانت عملية مكلفة في السابق ولكن مع التطور التقني الآن أصبح من السهل نسبيا إنتاج مناظير من هذا النوع بتكلفة أقل (ووزن أخف).



الصور الإزاحية (Anaglyph)*

سيكون محور الحديث عن هذا النوع من الصور المجسمة. وقد أطلقت عليها مسمى «إزاحية» لكونها تعتمد على التزيّح كما هو الحال في باقي الأنواع، ولكنها تتميز بأنها قابلة للطباعة والمشاهدة قد تكون على أوساط مختلفة (أفلام أو صور ثابتة). تعتمد هذه الطريقة على التقاط صورتين تمثل كل واحدة منهما المنظور لإحدى العينين، وهناك بعض الكاميرات المختصة التي تلتقط الصورتين في آن واحد مما يجعل هذا النوع من الكاميرات مناسب للتصوير الثلاثي الأبعاد مع وجود الحركة. على أية حال، سيكون النقاش هنا على الأسلوب الأولي، وهو التقاط صورتين منفردتين وثم دمجهما معا، وبالطبع لو كان يوجد هناك بعض الأجسام المتحركة فإن هذا لن يصب في صالح الصورة (ويمكن أحيانا التغاضي عنها). يُعاب على هذه الطريقة بأنها لا تحتفظ بالألوان الطبيعية نتيجة النظر من خلال مرشحات ملونة إلى الصورة، على أن هذا لم يمنع أن تكون الأكثر انتشارا لمرونتها مع مختلف الأوساط (طباعة، عرض، صور متحركة… الخ).

3D Gazebo (شرفة ثلاثية الأبعاد)
كان هناك بعض الحركة من قبل صيادي السمك ولكن ذلك لم يؤثر بشكل كبير بطبيعة الصورة.
الموقع: الشـِّعب، الكويت.

قبل الولوج في شرح طريقة العمل، يفضل أن نذكر بعض الأمور التي تخص العالم الرقمي. لا شك بأن الصور الرقمية جعلت العمل في هذا المجال من التصوير سهلا جدا. تعتمد الطريقة الرقمية، كما هو الحال في معظم عمليات التصوير الرقمي، على نظام الـ «ح.خ.ز» (RGB)؛ أي أحمر، أخضر، أزرق. قد يبدو الأمر طبيعيا حيث أن الكاميرات الرقمية تعتمد هذا النظام أيضا بشكل آلي، ولكن عليّ التشديد هنا على هذا النظام لأنه من أساسيات العمل (ولا أريد الدخول في متاهات الأنظمة الأخرى). تعتمد الطريقة الرقمية في صنع الصور الإزاحية على «صبغ» إحدى الصور بلون معين من إحدى هذه الألوان الثلاثة (وتسمى هذه الألوان «قنوات») وإعطاء الصورة الأخرى اللونين المتبقيين. من هنا ينتج لدينا صورة تحتوي على بعض الأصباغ اللونية بجانب الألوان الطبيعية للصورة، مما يساعد على فصل نظر العين اليمنى عن اليسرى عند النظر من خلال المنظار الملون. درجت العادة على أن تكون الصورة اليمنى بلون سماوي، واليسرى بلون أحمر؛ ولكن كان هناك أصباغ أخرى في السابق. فكان هناك الأصفر والأزرق، والأخضر مع القرمزي (وأحيانا أحمر) – لاحظ كيف أن هذه الألوان تكون متقابلة على دائرة الألوان. تَنتج جميع هذه الثنائيات اللونية عن طريق التحكم بقنوات الـ «ح.خ.ز» وتوزيعها كما سنرى.

* عند البحث عن ترجمة مناسبة لكلمة (Anaglyph)، فإن مترجم «غوغل» يساويها بـ «النقش»، وهي في الحقيقة المعنى الحقيقي للكلمة الانجليزية. ولذلك من الممكن تسميتها بـ «الصور النقشية»، ولكن نظرا لارتباطها الوثيق بالإزاحة فإنني آثرت استخدام هذا المعنى في الترجمة.

التصوير

كما ذكرنا آنفا، فإن التصوير من الممكن أن يكون بكاميرا واحدة، أو بكاميرا مخصصة لهذا الغرض. ويمكن كذلك استخدام كاميرتين في وقت واحد ولو كان التحكم بهما في آن واحد متعسر بعض الشيء (ومكلف). لهذا الغرض سنناقش الأمر كله من منطق الكاميرا الواحدة.
يتم العمل أولا في اختيار المشهد والموضوع. في الحقيقة لا يوجد قاعدة محددة للاختيار ولكن يجب العلم بأنه ليس كل موضوع يصلح بغرض تشكيل صورة إزاحية ثلاثية الأبعاد. من العوامل المفيدة في تحقيق هذه الغاية هو وجود خلفية ومقدمة في المشهد لإضفاء عنصر العمق إلى الصورة، وهذا لا يعني بأن صور المواضيع المعزولة (كما هي الحالة في التصوير المجهري مثلا) لا يمكنها أن تكون صورة إزاحية جيدة؛ ولكن الأمر يتضح من خلال التجربة. في كل الأحوال يجب أن يكون هناك نقطة محددة في المشهد تكون هي نقطة الارتكاز للعمل لاحقا (لأننا سوف نزيح الكاميرا قليلا إلى الجهة الأخرى)، ولو كان المشهد واسعا فيجب اختيار الموضوع الذي هو نقطة التركيز أو الجسم الأساسي في قصة هذه الصورة. بعد هذا الاختيار، يتم التقاط الصورة بشكل طبيعي تماما، ويفضل العمل دائما بفتحة عدسة ب/8 وما فوق. يمكن هنا استخدام نظام التركيز الآلي في الكاميرا (AF) وضبط التركيز على النقطة الأساسية أو نقطة الارتكاز كما ذكرنا.
بعد التقاط الصورة الأولى، يجب تذكر إذا ما كانت هذه الصورة تمثل العين اليمنى أم اليسرى (ولهذا يفضل أن يتبع المصور أسلوب عمل واحد ولا يحيد عنه حتى تسهل عملية فرز الصور لاحقا). إذا ما كانت الصورة الأولى تمثل العين اليمنى فيجب عندئذ إزاحة الكاميرا قليلا إلى اليسار، والعكس بالعكس. بعد الإزاحة يجب عدم تغيير اتجاه الكاميرا قدر المستطاع، وثم التقاط الصورة الثانية. حسنا، يبدو الامر معقدا بهذه الطريقة، لذلك سأحاول اختصاره بالنقاط:
1. اختر المشهد المطلوب ودقق في تفاصيله واحتمالاته في تكوين صورة ثلاثية الأبعاد جيدة.

اخترت هذا المشهد لكون المشهد يتكون من جزء قريب وجزء بعين عن الكاميرا.
التقطت هذه الصورة يدويا من غير حامل.
الموقع: مصنع سديم للرخام، الكويت.
عدسة روكينون 8مم عين سمكة.


2. يفضل (وليس بالضرورة) ضبط فتحة العدسة على ب/8 وما فوق. أما نظام التقاط الصور فيكون إما يدويا أو بأولوية الفتحة (Av).

3. اختر النقطة المركزية في الصورة والتي، في نظرك، تمثل العنصر الأهم في الصورة. يمكنك استخدام التركيز الآلي للعدسة لضبط التركيز على هذه النقطة.

نقطة الارتكاز مشار إليها بالسهم الأحمر.
في الحقيقة تم تعيين هذه النقطة وقت العمل عند الدمج، ولكن من الأفضل دائما وضع تصور قبل العمل على الدمج.
اختيرت هذه النقطة لأنها في المقدمة وتعتبر أقرب نقطة للكاميرا.


4. التقط الصورة الأولى وعيّن إذا ما كانت الصورة تمثل العين اليمنى أو اليسرى.

5. أزح الكاميرا مقدارا صغيرا يمثل تقريبا المسافة بين العينين للإنسان، وهي قد تكون ما بين 5سم إلى 7سم، نحو العين الأخرى أو الاتجاه الآخر. تكون الإزاحة هنا إما عن طريق تحريك الكاميرا يدويا ووضعها فوق العين الأخرى (لو كانت الكاميرا محمولة) من دون تحريك أي طرف آخر بالجسم قدر المستطاع، وإما أن تكون الإزاحة عن طريق سحب الحامل على الأرض (من الأسفل) بحذر بمقدار بسيط كما أشرنا. وهناك بعض المصورين الذين قاموا باختراع أدواتهم الخاصة لمساعدتهم في هذا النوع من التصوير، مثل صنع رأس متحرك للحامل بحيث ينقل الكاميرا بمقدار معين من جهة إلى أخرى بسلاسة.

6. يفضل إطفاء نظام التركيز الآلي في العدسة هنا، ومن ثم التقاط الصورة الثانية. وهكذا تنتهي عملية التصوير لهذا المشهد.

 
بعد التقاط الصور. صورتان مع انحراف بسيط في المنظور.

العمل

سيتم العمل هنا باستخدام برنامج الفوتوشوب (كالعادة) حيث أنه الأكثر انتشارا. هناك بعض البرامج المتخصصة في صنع الصور الإزاحية بالذات ولكن برنامج الفوتوشوب يوفر بعض المرونة كما سنرى.

1. تُفتح الصورتان في برنامج الفوتوشوب مع تعيين اليمنى منها واليسرى. لو كانت الصور من نوع السالب الرقمي (RAW) فإن برنامج محرر (أو معدل) السالب الرقمي للأدوبي سيظهر للصورتين. تمكن هذه الطريقة من إجراء بعض التعديلات على الصورة الأولى ونسخ هذه التعديلات إلى الصور الأخرى باستخدام أمر «المواءمة» (Synchronization). يمكن فتح الصورتين كذلك باستخدام أمر «التكديس»: File>Scripts>Load files into stack...، وفي هذا الأمر لن تُفتح الملفات بمحرر السالب الرقمي ولكن يتم فتحها مباشرة فوق بعضها البعض في برنامج الفوتوشوب على شكل طبقات.

أمر التكديس في برنامج الفوتوشوب.

2. لو تم فتح الملفين منفصلين، يمكن نسخ ولصق الواحدة فوق الأخرى، أو بالسحب والإلقاء لواحدة منهما على الأخرى. في كل الأحوال من الضروري التعرف على كلا الملفين: أيهما لليمين وأيهما لليسار.

قائمة الطبقات بعد وضع الصورتين فوق بعضهما البعض.
قد قمت بتغيير اسم كل طبقة لمعرفة أيهما لليمين وأيهما لليسار.
يمكن تغيير الاسم بالنقر المزدوج على اسم كل طبقة.

3. يتم اختيار الصورة العلوية وتقليل التعتيم (opacity) إلى 50% تقريبا (ممكن أقل وممكن أكثر بحسب القدرة البصرية للمستخدم). من هنا، يتم سحب هذه الصورة العلوية (بالنقر والتحريك دون إفلات زر الفأرة ويمكن فعل ذلك أيضا بالأسهم في لوحة المفاتيح) حتى تتطابق النقطة المركزية التي عينها المصور عند التصوير. بالطبع لن يكون التطابق مثاليا تماما وسيكون هناك بعض الانحراف (أو الغشاوة) ولكن يكون التطابق مثاليا عندما نرى النقطة المركزية أو الجسم المركزي الذي عينّاه مسبقا في أشد حدة ممكنة. عند الانتهاء من المطابقة، يتم تعديل التعتيم إلى 100% مرة أخرى.

قيمة التعتيم في قائمة الطبقات ذاتها.
يتم استبدالها بـ 50% أو ما يراوح ذلك.
 
المنظر العام بعد مطابقة نقطة الارتكاز.
لاحظ تقليل التعتيم إلى 50% (السهم الأحمر)، وكيف أن نقطة الارتكاز التي عينتها سابقا هي أكثر حدة من باقي أجزاء الصورة (السهم الأزرق).
لا تنسَ إرجاع التعتيم إلى 100% بعد المطابقة.

4. الآن يتم أختيار الصورة اليمنى (سواء كانت في الأعلى أو الأسفل) ويتم استدعاء أمر «مستويات» (Levels) عن طريق ضغط زرّي «تحكم» و L (أي CTRL+L). في هذا الأمر يوجد قائمة تخص قنوات الألوان الثلاثة الرئيسية في الصورة. نختار الأحمر من هذه القائمة، ثم نقوم بتعديل قيمة اللون الأبيض في الشريط السفلي من 255 إلى 0. بعد تنفيذ هذه الخطوة ستُصبغ الصورة بلون أزرق سماوي.

اختيار قناة اللون الأحمر بعد استدعاء أمر «مستويات» (السهم الأزرق).
يتم تغيير قيمة اللون الأبيض (في الدائرة الحمراء) من 255 إلى صفر.
نلاحظ تحول الصورة اليمنى (في قائمة الطبقات) إلى اللون الأزرق السماوي.


5. يتم الآن اختيار الصورة اليسرى ويتم استدعاء أمر المستويات مرة أخرى. هذه المرة سنقوم بنفس العملية السابقة للقنوات الأخرى: الأخضر والأزرق. بعد تنفيذ هذا الأمر ستظهر الصورة محمرة.

6. يُقلب نظام المزج (Blending) للطبقة العلوية (في نافذة الطبقات) إلى (Screen) – وتعني «شاشة». بهذه الطريقة تُمزج الألوان من الصورتين فتتكون صورة بألوان طبيعية مع أصباغ حمراء وزرقاء.

تغيير نمط الدمج بين الصورتين إلى «شاشة».
يجب اختيار الصورة العلوية أولا.

7. يُفضل قطع الأطراف باستخدام أداة القطع (Crop) للمحافظة على رونق الصورة بشكل عام حيث أن هذه الأطراف تُظهر أثر الإزاحة وغير مناسبة للرؤية بالمنظار المخصص لهذا النوع من الصور. بهذه الخطوة ينتهي العمل الفعلي في صنع صورة إزاحية.

أداة القطع.

بعض المناطق التي يستوجب قطعها (المشار إليها بالسهام).

8. يتم العمل على تحويل وحفظ الصورة بشكل اعتيادي إذا أراد المستخدم ذلك، مع مراعاة بأنه إذا كان العمل في فضاء (البروفوتو) – والذي تكلمنا عنه في مقالة سابقة – فيجب استخدام أمر تحويل (Convert) لتحويل الصورة إلى فضاء آخر (يفضل فضاء الأدوبي) مع المحافظة قدر المستطاع على صبغة الألوان الظاهرية. يرجى قراءة المقالة السابقة للتعرف إلى أساليب العمل مع هذه الفضاءات. مع هذا التحويل يمكن حفظ الصورة بصيغة الـ «ج.ب.ج» بنظام 8-بت. يمكن طباعة الصورة كذلك ورؤيتها بنفس المنظار، وبالطبع سيعتمد الأمر هنا على جودة الطباعة في تحديد مدى وضوح الصورة.

الصورة النهائية.
أحيانا اختلاف فضاءات الألوان قد يسبب تغيرا في درجات الأحمر والأزرق مما يجعل النظر غير مريح.

مشاكل

تتنوع المشاكل في التصوير بشكل عام، لا سيما المشاكل التقنية والتي تحتاج إلى بعض الأدوات الخاصة لحلها (كما هي الحال في تصوير المشاهد المستعرضة على سبيل المثال) ولكن لن نتطرق هنا إلى هذا النوع من المشاكل. المشكلة الأساسية التي قد تواجه المشاهد بالذات في هذا النوع من التصوير هو ظاهرة تسمى بـ «التكسّر» (Ghosting) – ومن الممكن إطلاق اسم «التشبّح» عليها كذلك كترجمة فورية من الانجليزية. تنتج هذه الظاهرة عند النظر إلى الصور الإزاحية، وبسبب عدم تمكن الدماغ من مطابقة الصورتين من العين اليمنى واليسرى، فينتج عن ذلك (ظاهريا) انكسارا في المشهد أو تكرار لبعض المناطق في الصورة بطريقة يصبح التركيز فيها صعبا ولا يبدو الجسم بأنه بارز أو ثلاثي الأبعاد؛ ولهذا تسمى أحيانا بالتشبّح، لكون بعض المناطق في الصورة تبدو كالأشباح للعين المجردة.
سبب مشكلة التكسر أو التشبح ينبع من الطرفين: المشاهد والمصور – ولكن المصور يحمل الوزر الأثقل. لأن هذه الظاهرة من الممكن أن تحدث لو أن الإزاحة بين الصورتين، اليمنى واليسرى، كانت كبيرة نسبيا. ولهذا يجب مراعاة أن تكون الإزاحة عند التصوير معقولة وتتناسب مع المسافة بين العينين لدى الإنسان، وهي تقارب 5 إلى 7سم. ومن ناحية أخرى، فإن المشهد الذي قد يبدو جيدا لكثير من الناس ويمكنهم رؤيته كثلاثي الأبعاد بسلاسة، قد لا يبدو كذلك لبعض المشاهدين الذين تختلف المسافات بين أعينهم بشكل كبير وبالتالي فإن هذه المشكلة لا تمت للمصور والصورة بصلة، ولكنها متعلقة بالمشاهد نفسه، وبالطبع من الصعب تكييف الصورة مع كل أنواع المشاهدين. على أية حال، قد تقل هذه المشكلة نسبيا من خلال التركيز العميق في الصورة بحيث تتأقلم العينان والدماغ تدريجيا حتى يندمج الخيالين ويمكن للدماغ بعدها تجاهل مشكلة التشبح في الصورة.
من المشاكل الأخرى التي قد تواجه المصور هنا هي مشكلة حجم الموضوع. فكما ذكرنا آنفا، فإن الإزاحة بين الصورتين يجب أن تكون في حدود 5 إلى 7سم، ولكن هذا لا ينطبق تماما في حالة التصوير المجهري مثلا، أو عند الاقتراب الشديد من الموضوع بحيث يكون الموضوع محتلا للحيز الأكبر في المشهد. ولهذا، فإن الإزاحة هنا تكون أقل بكثير بحسب المسافة ما بين الكاميرا والموضوع، وهنا يعتمد الأمر على الخبرة ومدى التجربة في معرفة الإزاحة المناسبة بين الصورتين.

الخاتمة

حاولت في هذه المقالة أن أوجز قدر المستطاع، ولهذا فإن هناك بعض الأساليب والأعمال التي لم أذكرها، وأترك الأمر لعزيزي القارئ لكي يكتشفها بنفسه من خلال العمل في هذا المجال، إذا أحب.
ذكرت في هذا المقال أبسط الأساليب الممكنة في العمل. من ناحية أخرى، فإن عملي الشخصي في هذا النوع من الصور يكون عن طريق التجربة كثيرا، ولهذا فأنا لا أستخدم الأمر المباشر للمستويات (Levels) ولكن أستخدم طبقة خاصة لتحقيق هذا الهدف. الأمر بسيط، ولكن قد يكون مثيرا للارتباك للمبتدئ، ولهذا قررت عدم ذكر هذه الطريقة المطولة بعض الشيء. وكما يمكن صنع الصور الإزاحية من الصور الأحادية، فإنه يمكن أيضا صنعها من خلال صور النطاق العالي (HDR)، ولم آتِ على ذكر هذه الطريقة وهذا الأسلوب في العمل أيضا اختصارا للموضوع.
قد يكون الغالب على هذه الصور استخدامها للمتعة والترفيه ولكن من الممكن أيضا، وبرأيي الخاص، أن تستخدم هذه الطريقة في مجالات أخرى للتوضيح وتبيان الأشياء بطريقة نموذجية للمشاهد (كتصوير الأجهزة مثلا). أرجو أن تكون هذه المقالة ذات فائدة لعزيزي القارئ وحتى نلتقي في المقالة القادمة إن شاء الله…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق