الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

إنتشاغِل (Inchagoill)…

سأتناول في هذه المقالة الحديث عن آخر جولة لي في إيرلندا، وهي جزيرة إنتشاغِل (Inchagoill)، وهي من أشهر الجزر في بحيرة «كورِب» (التي تعتبر ثاني أكبر بحيرة في إيرلندا بعد بحيرة «ناي»، وتسمى أيضا «ناخ»). لقد كانت رحلة مضنية وممتعة في آن واحد، لا سيما بعد مغامرة قصيرة قبل العودة إلى السكن مع الإنهاك الشديد. إنها جزيرة كنت قد زرتها قبل 5 سنوات ولكن هذه المرة كان هدفي الأساسي هو تصوير بعض معالمها المميزة بطريقة المشهد المستعرض أو البانوراما.

موقع جزيرة إنتشاغل بالنسبة للبلدة ومحل السكن.

يأتي اسم الجزيرة من اللغة الإيرلندية وهي في الأصل «إنيش أن غايل» (Inis an Ghaill)؛ بالغين العربية. يعني الاسم «جزيرة الغريب» أو «جزيرة الأجنبي»، حيث يُحكى بأن القديس باتريك، وهو حامي إيرلندا، عند قدومه إلى المنطقة لنشر تعاليم المسيحية ونبذ الوثنية في هذه المنطقة من إيرلندا (مع قريب له) قد تم طرده من قرية كونغ والتي تقع شمال البحيرة (وعلى أطرافها تقف قلعة آشفورد) من قبل الكهنة (الدرويد druids) إلى هذه الجزيرة، ومنها تم إطلاق هذا الاسم عليها. بالنسبة لمساحة الجزيرة فهي صغيرة نسبيا إلا إنها مليئة بالتضاريس وتغطيها الأشجار الكثيفة مما يجعل التحرك فيها صعب للغاية من دون تواجد الطرق المناسبة على السطح. تعادل مساحة الجزيرة ما يقارب 104 فداناً، أي لعلها تقارب 1% فقط من مساحة جزيرة فيلكا الكويتية، أو ما يعادل 0,05% فقط من مساحة مملكة البحرين. على أن غنى هذه البقعة بالتضاريس والارتفاعات يوحي للماشي فيها برحابة الأرض. كانت هذه الجزيرة مسكنا لبعض العائلات المعروفة واللائي أقمن بعض المزارع فيها (للبطاطس غالبا)، منها: سوليڤان (O'Sullivan) وكينّاڤي (Kineavey). أما الآن، فإن الحكومة الإيرلندية تعكف على زراعة الغابات والحفاظ على الأماكن الأثرية على هذه الجزيرة لجعلها معلما سياحيا.
يوجد عبّارة خاصة تنطلق من بلدة أوغترارد وكونغ للوصول إلى هذه الجزيرة ولكنها لا تعمل فيما بعد موسم السياحة (والذي ينتهي حوالي شهر سبتمبر من كل سنة)، ولهذا فقد كان علي الاستعانة بأحد الأفراد (وهو صديق مقرب لمُلّاك السكن وقريب لهم)، واسمه «باتريك». لقد كان باتريك كالدليل لي على هذه الجزيرة قبل 5 سنوات بحكم عمله عليها، حيث أنه يعمل للقطاع الحكومي لتنظيم بعض الشؤون على هذه الجزيرة. لقد كان مقررا القيام بهذه الرحلة مبكرا ولكن الظروف الجوية تلعب دورا كبيرا في مثل هذه الرحلات المائية، ولهذا فقد تأجلت الرحلة مرارا حتى سنحت الفرصة للقيام بها في اليوم الأخير من بقائي في السكن (حيث كان لزاما علي مغادرة المكان في اليوم التالي). تحتوي الجزيرة على 3 معالم أساسية مثيرة لاهتمامي (بجانب الطبيعة الخلابة والمثيرة للخيال طبعا!): المقهى، والكنيسة، والمقبرة القديمة والتي يقال إنها تحتوي على جثمان ابن أخت القديس باتريك (وقد كان دليله كذلك) المسمى «لوغناد».

 فيديو قصير بعدسة سيغما 70-300مم من على القارب متجها إلى إنتشاغل.كان باتريك يسألني إذا ما كان يجب عليه الإبطاء قليلا لإتاحة الفرصة لي للتصوير.
قبل الصعود إلى المركب كنت قد جهزت أدواتي وحملت كاميرتي حول عنقي مجهزة بعدسة سيغما 70-300مم، وهي من العدسات المقربة ذوات البعد الطويل. ذلك لأنني كنت قد خضت هذه الرحلة المائية قبل 5 سنوات حاملا معي عدسة 18-55مم وقد احتجت آنذاك بعض القوة في التكبير، ولذلك قررت استعمال عدسة سيغما هذه المرة ذات المدى الأكبر في التكبير(70-300مم)، علاوة على توفر خاصية التثبيت (أو تعويض الاهتزاز) في هذه العدسة – وبالطبع فإنها خاصية محدودة الأثر ولكنها نافعة بشكل عام. التقطت الكثير من اللقطات (التوثيقية) وقد كان بعضها جيد إلى حد ما، لا سيما تلك المتعلقة بأحد المنازل على إحدى الجزر المتناثرة في البحيرة.

أحد المنازل على إحدى الجزر في بحيرة كورب. التقطت هذه الصورة قبل 5 سنوات بعدسة 18مم وكاميرا كانون 350د (توقف إنتاجها حاليا)

ذات المنزل أعلاه بعدسة سيغما عند 95مم

عند الوصول إلى المرفأ لهذه الجزيرة كنا قد وجدنا قاربا آخرا في المكان. هذا وقد أخبرني باتريك بانه سينتظرني على الضفة المقابلة للمرفأ ولن ينزل معي ليكون دليلي، وكل ما علي فعله هو إتباع الحواجز الصخرية الموضوعة كحدود للطريق للمشي بمحاذاتها (ولاحقا تبين بأن ليست كل الطرق قد نظمت بهذه الطريقة!). هذا، وقد أبلغت باتريك بأنني سوف أحتاج إلى ما يقارب الساعتين لأنتهي من عملي على هذه الجزيرة. في بداية الطريق كنت قد قابلت بعض العمال المنهمكين بعملهم، فألقيت التحية وتابعت طريقي حاملا أدواتي الثقيلة. لم يكن الطريق محددا بالكامل علاوة على وجود بعض الآثار للمنازل الصخرية القديمة للذين سكنوا على هذه الجزيرة في السابق فأصبح التفريق بين هذه الصخور وحدود الطريق أمرا صعبا بالنسبة إلي، مما أدى إلى ضياعي لبعض الوقت حتى وجدت أول قصد: الكنيسة.

مرفأ الجزيرة مع الضفة المقابلة له في الأفق.

أحد الطرق المرصوفة بالحجارة على الجزيرة.

مدخل الكنيسة.
تعاني هذه اللقطة من مشاكل عدة،
منها عمق الميدان المنخفض جدا حتى أن
الجانب الأيمن يظهر مع بعض الغشاوة.
في الحقيقة إن هذه الكنيسة تسمى أحيانا بـ «الدير» وتسمى كذلك بكنيسة القديس باتريك أو كنيسة إنتشاغِل أو دير إنتشاغِل كذلك. يختلف الباحثون حول العمر الافتراضي لهذا المَعلم، فمنهم من يعتقد إنه بني فعلا إبان تواجد القديس باتريك على الجزيرة مع ابن أخته (كون المقبرة القريبة منه تحتوي على جثمانه افتراضا)، ومنهم من يعتقد إنه أقيم لاحقا بعد حياة القديس بمئة سنة على الأقل (عاش القديس في القرن السادس بعد الميلاد). البناء بحد ذاته بسيط جدا الآن ولكن تتواجد بعض العلامات الفارقة التي تدل على أن هذا المكان كان معلما معماريا بحق، ويشهد بذلك مدخل الكنيسة والذي يحمل آثار العمارة الرومانية مع الإيحاء بالقوطية، وهو مدخل صغير يكاد يسمح بالدخول لشخص مثلي حاملا أدواته معه!
قبل الدخول إلى الكنيسة قررت أن أعمل على تصوير مشهد مستعرض للمكان بشكل عام من الخارج، حيث كانت طبيعة المكان تتشابه مع تلك الأدغال في أميركا الوسطى أو الأمازون مع بعض الهدوء الثقيل، عدا تغريدات بعض الطيور. لا أنكر إنه قد انتابني شعور بأن أحدا ما كان يراقبني خلسة وبهدوء تام، ولذا فقد شرعت بالغناء والدندنة مع نفسي أثناء تجهيز الأدوات لأصرف تفكيري عن هذا الأمر.

An Eaglais Ghlas (الكنيسة الخضراء)

بعد التصوير الخارجي، ولجت إلى الداخل وقمت بعمل الشيء نفسه، حيث التقطت مشهدا مستعرضا من الداخل. بالرغم من محاولاتي العدة لعدة دقائق لجعل الأدوات مع الكاميرا تتوسط المكان ولكن عمليا وعند العمل مع هذا المشهد تبين بأن هناك انحراف بسيط – هذا الانحراف البسيط يسبب ارتباكا في المنظور لاحقا في كثير من الأحيان، وحتى المشهد المستعرض من خارج الكنيسة لم يكن ليسلم من هذه الانحرافات بشكل تام. على أية حال، فإن هناك بعض الأمور التي يمكن إصلاحها عند إتمام العمل الرقمي، وليس كل الأمور! أما من الداخل، فقد كان بانتظاري مشكلة تقنية أخرى في حين العمل الرقمي وهي الألوان. لعلها واحدة من تلك اللحظات العديدة التي ندمت فيها على عدمت استخدام قرص المستوى الأبيض لمعايرة المستوى الأبيض قبل التصوير! إن التباين ما بين السماء الزرقاء والحوائط الباردة والصلدة والتي كانت تكاد تعكس أشعة الشمس قد خلق بيئة صعبة للتوفيق بين طبيعة الألوان بشكل عام وبين درجة حيويتها (ما بين أزرق مشع وحوائط مصمتة تكاد أن لا توحي بلون مميز)، هذا علاوة على مشكلة التشبع الزائد لبعض درجات الألوان والذي كان يؤدي إصلاحها أحيانا إلى «قتل» منطقة معينة من المشهد. كل هذه الأمور تطلبت الكثير من العمل المنعزل على مناطق دون أخرى – وفي النهاية قررت أخيرا أن أرجح كفة الميزان لحيوية الألوان للسماء الزرقاء دون الحوائط. ولكن هذا لم يمنع من خياطة المشهد المستعرض مرة أخرى بمناظير أخرى أكثر سيريالية وبألوان أكثر تنوعا في وقت لاحق!

An Eaglais Inis an Ghaill (كنيسة إنتشاغِل)

Creideamh Dathannach (إيمان ملون)
ذات المشهد المستعرض باسقاط ميركاتور رأسي

صورة التقطت قبل 5 سنوات لشاهد قبر «لوغناد» ابن أخت القديس.
بعد الانتهاء من هذا المكان قمت بزيارة المقبرة القريبة منه والتي يقال بأن جثمان ابن أخت القديس كانت قد دفنت هنا. وفي الحقيقة لا يوجد الكثير مما يميز هذا المكان سوى قصة طريفة وغريبة كانت قد جرت لي قبل 5 سنوات عندما زرت ذات المكان، وهي:
يوجد في هذه المقبرة قبر لسيدة من عائلة سوليڤان (أو قد تكون زوجة لشخص ما من هذه العائلة) كانت قد توفيت في العام 1989 عن عمر يناهز 37 تقريبا. أما باتريك فإنه كان يجزم بأنه لم يدفن شخص في هذه الجزيرة منذ 30 سنة وخلال فترة عمله هناك والتي تناهز 20 سنة! أي أنه لم يدفن أحد هنا منذ العام 1979 أو على أقل تقدير منذ العام 1989 وهو العام الذي بدأ فيه باتريك العمل في هذه الجزيرة كما كان يقول. قد لا يكون في الأمر سوى بعض اللغط في الأرقام والتواريخ، ولكن حتى ينجلي هذا الأمر فإنه لا يزال أمرا غامضا بالنسبة إلي!
بعد مغادرة المقبرة أصبحت أبحث عن المقهى، وهو مكان حجري صغير قد كان استراحة للبحارة المارين بالجزيرة والعاملين في البحيرة. لم أجد المقهى في بداية الأمر ووجدت نفسي على طريق العودة إلى المرفأ من غير قصد مني، فوجدت العمال وقد كانوا يأخذون استراحة قصيرة على ما يبدو. عند سؤالهم عن المقهى أبدوا تعجبا حيث أنهم لم يسمعوا عن مقهى في هذا المكان! ولكنهم تفهموا الأمر عندما شرحت لهم الأمر وشكل المكان، ويبدو إنهم لم يكونوا ليعرفوه بهذا الاسم. لم يكن بيدهم الكثير ليقولوه سوى «اتبع هذا الطريق وستصل»، والذي هو ذات الطريق الذي وصلت منه إليهم! لم يكن لدي خيار آخر سوى المتابعة وهناك وجدت رجلا آخر والذي بادر بسؤالي عن وجهتي. كما كان الحال مع العاملين من قبله فإن الرجل لم يفهم قصدي حتى أبلغته بوصف المكان! فأرشدني إلى الطريق ولكنه بدل رأيه وسألني أن أتبعه. مشينا سويا حتى وصلنا إلى المقبرة الآنفة الذكر ومن عند هذا المكان دلني إلى ما بقي من الطريق وأخبرني أنه في نهاية هذا الطريق من بعد المقهى سوف أصل إلى الضفة الثانية من الجزيرة.
لقد كان الطريق إلى المقهى وعرا وصعبا وأنا أذكره جيدا كما كان قبل 5 سنوات. يقع المقهى على تلة في الجزيرة وهكذا فإن الوصول إليه لا يتم إلا بعد التسلق والصعود على هذا الطريق الوعر، والذي كان عرضه لا يتجاوز المتر الواحد، ويمكن للماشي عليه أن يرى على يساره الجرف الحاوي لغابات إنتشاغِل. انزلاق بسيط هو كل ما يتطلبه الأمر ليتدحرج الإنسان إلى الأسفل ما بين هذه الأشجار. في بعض أجزاء هذا الطريق كان من المستحيل المشي مع استقامة الظهر، بل على الماشي أن ينحني ويقترب من وضعية الحبو حتى يتمكن من قطع بعض هذه الأجزاء.

صورة للمنحدر على يسار الطريق الوعر الذاهب إلى المقهى وينتهي المنحدر عند مياه البحيرة.


عند الوصول إلى المقهى باشرت العمل فورا على تصوير مشهد مستعرض أمام هذا المبنى الصغير. كنت سأصور مشهدا آخرا من داخل هذه المساحة الصغيرة ولكن هدير الدبابير المزعج أثبط عزيمتي بحق، فتناسيت الأمر وأصبحت التقط صورا أخرى من بعض أجزاء هذا المبنى الأثري. كنت قد فكرت بالتقاط مشهد مستعرض من فوقه، ولكن لعدم وجود الكثير من التفاصيل الشادة للنظر فقد أهملت هذا الأمر. نزلت بعدها وتحركت متابعا طريقي للنزول والذهاب إلى باتريك، ولكنني لم أسلك الطريق الذي قدمت منه، بل تابعت المسير على الطريق الخارج من المكان، ومن هنا ابتدأت مغامرتي «البسيطة».

The Coffee House (المقهى)
يلاحظ الميلان العام في المبنى هنا وهذا بسبب ميلان الأرض ذاتها في الموقع، وكذلك بسبب المشكلة التقليدية المتعلقة بوضع الحامل مع التقاء نقطة الوسط للمعلم. حولت جاهدا هنا الحفاظ على الخطوط العمودية مستقيمة قدر المستطاع عند خياطة هذا المشهد المستعرض.

السلم المؤدي إلى سطح المقهى وقد تركت قدمي في الصورة للمقارنة مع عرض هذه الدرجات.
بطبيعة الحال فقد كان الطريق هابطا من التلة، وقد كان زلقا كذلك مما جعل عملية الهبوط من التلة أمرا حساسا للغاية. هذا، وقد سقطت بالفعل عند النزول وحمد لله إنني لم أنزلق في الجرف. لم يكن الأمر مؤلما بسبب كثافة الملابس التي كنت أرتديها بالإضافة إلى كثافة الأوراق الساقطة على الأرض. كنت أهبط سريعا وكان بإمكاني رؤية مياه البحيرة تقترب مني، حتى وصلت إلى نهاية الطريق سوى من فرع صغير من بين الأشجار كان يؤدي إلى الشاطئ. لم أجد بدا من النزول إلى الشاطئ بعد هذا الطريق الطويل من التلة!
عند الخروج إلى الشاطئ يجد المرء نفسه على كومة من الصخور (أظنها نارية) حتى يكاد يعتقد المرء أنه لا وجود لشيء اسمه «رمال» على شواطئ هذه الجزر. إن المشي على هذه الصخور، لا سيما مع حمل هذه الأدوات الثقيلة، كان مؤلما للغاية؛ حيث لا يمكن السير بخط مستقيم ولا يمكن وضع القدم بشكل مستوٍ. لم أكن أعلم بطبيعة الحال أين موقعي بالضبط في تلك الأثناء ولهذا تابعت المسير على الشاطئ على أمل الوصول إلى الضفة المرجوة. استمر هذا الحال لما يقارب الساعة حتى استطعت بعدها أن أحدد موقعي، ولكن المسافة التي علي قطعها كانت تبدو طويلة وخطرة بسبب حدة الصخور على الشاطئ والانهاك بالإضافة إلى بعض المناطق الطينية والتي كان علي اجتيازها بسرعة حتى لا تغوص قدماي فيها

في هذه المنطقة وبعد ما يقارب من الساعة مشيا على الصخور تعرفت على معالم المنطقة وإنني على الجانب الآخر من الجزيرة. يلاحظ أشجار التنوب والتي يمكن رؤيتها من الجانب الآخر عند المرفأ كذلك. تقع المناطق الطينية على اليمين.

خريطة مقربة للجزء الشمالي الشرقي من الجزيرة حيث المرفأ ومكان انتظار باتريك. تمثل الدائرة الزرقاء موقع التقاط الصورة أعلاه وتمثل الخطوط الزرقاء المسافة التي كام علي قطعها للوصول إلى باتريك.
 
في النهاية وبعد التعب الشديد استطعت الوصول إلى باتريك، ولكم استغرقنا بالضحك بعد معرفة هذه الأحداث. لقد بلغ الانهاك مني مبلغا لم أكن فيه قادرا على الاتزان في المشي بل وكأن جسدي كان يسير تحت وطأة تأثير ثقل المعدات التي أحملها ولا حكم لي عليه في المسير. بعد هذا العناء الشديد وبعد أخذ قسط من الراحة على هذا الشاطئ الصخري (وقد كان باتريك قد أهداني بعض العصير لاستعادة بعض قواي) قررت أن أرتب الأغراض قليلا قبل الصعود إلى المركب، حيث إنني كنت قد استعملت الحامل كعكّاز، أما الكاميرا نفسها فقد كانت تتدلى من عنقي! لم أشأ التصوير في طريق العودة حيث أنني آثرت الاستمتاع ببرودة الجو لتبريد جسدي والذي كان كالأتون من الداخل. من المفارقات في هذه الرحلة هو أن البلل قد يجعل يومك أقل راحة، ولكن التعب والانهاك بعد هذا الضنك كان قد حثني على التخبط في المياه للابتعاد عن الصخور الحادة ولتبريد حرارة جسدي. في رحلة العودة استعمل باتريك السرعة القصوى فاستغرق طريق العودة حوالي 15 دقيقة (كان الذهاب في 30 دقيقة تقريبا) ولم أمانع أثناءها بقطرات المياه المتناثرة على جسدي والبلل التام!

الخاتمة

هذه هي آخر مقالة تتعلق بجولاتي في الجمهورية الإيرلندية. كنت قد غادرت السكن في اليوم التالي وعدت أدراجي إلى العاصمة دبلن حتى أغادر في اليوم الذي يليه، وفي أثناء ذلك كله لم أكن لاستعمل كاميرتي إطلاقا حيث قررت أن استمتع بما تبقى لي من الوقت هناك. أرجو أن تكون هذه المقالة ذات منفعة لعزيزي القارئ وإن كانت طويلة على ما يبدو. على أمل أن أعود إلى كتابة المقالات الاعتيادية في القريب العاجل إن شاء الله. فحتى نلتقي في المقالة القادمة…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق